فصل: (تابع: حرفي الواو والياء)

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: لسان العرب ***


‏[‏تابع‏:‏ حرفي الواو والياء‏]‏

عصا‏:‏ العَصا‏:‏ العُودُ، أُنْثَى‏.‏ وفي التنزيل العزيز‏:‏ هي عَصايَ

أَتَوَكَّأُ عليها‏.‏ وفلانٌ صُلْبُ العَصا وصليبُ العَصا إذا كان يَعْنُفُ بالإبل

فيَضْرِبْها بالعَصا؛ وقوله‏:‏

فأَشْهَدُ لا آتِيكِ، ما دامَ تَنْضُبٌ

بأَرْضِكِ، أَو صُلْبُ العصا من رجالِكِ

أَي صَلِيبُ العَصا‏.‏ قال الأزهري‏:‏ ويقال للرّاعي إذا كان قَويّاً على

إبِلِه ضابطاً لها إنه لصُلْبُ العَصا وشديدُ العَصا؛ ومنه قول عمر بن لَجَإٍ‏:‏

صُلْبُ العَصا جافٍ عن التَّغَزُّلِ

قال ابن بري‏:‏ ويقال إنه لصُلْبُ العَصا أي صُلْبٌ في نفسه وليس ثم عَصاً، وأَنشد بيت عمر بن لجإٍ ونسبه إلى أبي النَّجْم‏.‏ ويقال‏:‏ عَصاً

وعَصَوانِ، والجمع أَعْصٍ وأَعْصاءٌ وعُصِيٌّ وعِصِيٌّ، وهو فُعول، وإنما

كُسِرت العَيْنُ لما بَعْدَها من الكسرة، وأَنكر سيبويه أَعصاءً، قال‏:‏ جعلوا

أَعْصِياً بدلاً منه‏.‏ ورجلٌ لَيِّنُ العصا‏:‏ رفيقٌ حَسَنُ السياسة لما

يَلي، يكْنونُ بذلك عن قِلة الضَّرْب بالعَصا‏.‏ وضعيفُ العَصا أَي قليلُ

الضَّرْب للإبلِ بالعَصا،وذلك مما يُحْمَدُ به؛ حكاه ابن الأعرابي؛ وأَنشد

الأزهري لمَعْنِ بنِ أَوْسٍ المُزَني‏:‏

عليه شَرِيبٌ وادِعٌ لَيِّنُ العَصا، يُساجِلُها جُمَّاتِهِ وتُساجِلُهْ

قال الجوهري‏:‏ موضعُ الجُمَّاتِ نَصْبٌ، وجَعَل شُرْبَها للماء مُساجَلة؛ وأَنشد غيرهُ قول الراعي يصف راعياً‏:‏

ضَعيفُ العَصا بادي العُروقِ، ترى له

عليها، إذا ما أَجْدَبَ الناسُ، إصبَعَا

وقولهم‏:‏ إنه لضعيف العَصا أَي تِرْعِيةَ‏.‏ قال ابن الأعرابي‏:‏ والعربُ

تَعيبُ الرِّعاءَ بضَرْبِ الإبلِ لأن ذلك عُنْفٌ بها وقلَّةُ رِفْقٍ؛ وأَنشد‏:‏

لا تَضْرِباها واشْهَرا لها العصِي، فرُبّ بَكْرٍ ذِي هِبابٍ عَجْرَفي فيها، وصَهْباءَ نَسوُلٍ بالعَشِي

يقول‏:‏ أَخيفاها بشهّرِكُما العِصِيِّ لها ولا تَضْرِباها؛ وأَنشد‏:‏

دَعْها مِن الضَّرْبِ وبَشِّرّها بِرِيْ، ذاكَ الذِّيادُ لا ذِيادٌ بالعِصِيْ

وعَصاه بالعَصا فهو يَعْصُوه عَصْواً إذا ضَرَبَه بالعصا‏.‏ وعَصى بها‏:‏

أَخذها‏.‏ وعَصِيَ بسَيْفه وعَصا به يَعْصُو عَصاً‏:‏ أَخذَه أَخْذَ العَصا أَو

ضَرَبَ به ضَرْبَه بها؛ قال جرير‏:‏

تَصِفُ السُّيُوفَ وغيرُكُمْ يَعْصَى بها، يا ابنَ القُيونِ، وذاكَ فِعْلُ الصَّيْقَلِ

والعَصا، مقصورٌ‏:‏ مصدرٌ قَولِك عَصِيَ بالسيف يَعْصَى إذا ضَرَبَ به، وأَنشد بيت جرير أَيضاً‏.‏

وقالوا‏:‏ عَصَوتُه بالعَصا وعَصَيْتُه وعَصِيتُه بالسيف والعَصا

وعَصَيْتُ وعَصِيتُ بهما عليه عَصاً؛ قال الكسائي‏:‏ يقال عَصَوْتُه بالعَصا، قال‏:‏

وكَرِهِهَا بعضُهم، وقال‏:‏ عَصِيت بالعَصا ثم ضَرَبْتُه بها فأَنا

أَعْصَى، حتى قالوها في السيف تشبيهاً بالعصا؛ وأَنشد ابن بري لمعبد بن علقمة‏:‏ ولكنَّنا نأْتي الظَّلامَ، ونَعْتَصِي

بكُلِّ رَقِيقِ الشَّفْرَتَينَ مُصَمِّمِ

وقال أَبو زيد‏:‏ عَصِيَ الرجلُ في القوم بسيفه وعَصاه فهو يَعْصَى فيهم

إذا عاثَ فيهم عَيْثاً، والاسمُ العَصا‏.‏ قال ابن الأَعرابي‏:‏ يقال عَصاهُ

يَعْصُوه إذا ضرَبَه بالعصا‏.‏ وعَصِيَ يَعْصَى إذا لَعِبَ بالعَصا كَلِعبه بالسيفِ‏.‏ قال ابن سيده في المعتل بالياء‏:‏ عَصَيته بالعصا وعَصِيته

ضربْتُه، كلاهما لُغةٌ في عَصَوْتُه، وإنما حَكَمْنا على أَلف العَصا في هذا

الباب أنها ياءٌ لقَولهم عَصَيْته، بالفتح فأَمّا عَصِيته فلا حجة فيه

لأَنه قد يكون من بابِ شَقِيتُ وغَبِيت، فإذا كان كذلك فلامُه واوٌ، والمعروف

في كل ذلك عَصَوْته‏.‏

واعْتَصى الشجرةَ‏:‏ قَطَع منها عَصاً؛ قال جرير‏:‏

ولا نَعْتصِي الأَرْطَى، ولكن سَيُوفُنا

حِدادُ النواحي، لا يُبِلُّ سَلِيمُها

وهو يَعْتَصِي على عَصاً جَيِّدة أَي يَتوَكَّأُ‏.‏ واعْتَصَى فلانٌ

بالعَصا إذا تَوكَّأَ عليها فهو مُعْتصٍ بها‏.‏ وفي التنزيل‏:‏ هي عَصايَ

أَتوَكَّأُ عليها‏.‏ وفلان يَعْتَصِي بالسيفِ أَي يجعلهُ عَصاً‏.‏ قال الأزهري‏:‏ ويقال للعصا عَصاةٌ، بالهاء، يقال أَخذْتُ عَصاتَه، قال‏:‏ ومنهم مَن كرِهَ هذه

اللغة، روى الأصمعي عن بعض البصريين قال‏:‏ سُمِّيت العَصا عَصاً لأن اليَدَ والأَصابعَ تَجْتَمعُ عليها، مأْخوذٌ من قول العرب عَصَوْتُ القومَ

أَعْصُوهم إذا جَمَعْتهم على خير أَو شرٍّ، قال‏:‏ ولا يجوز مَدُّ العَصا ولا

إدخال التاء معها، وقال الفراء‏:‏ أَوَّلُ لَحْنٍ سُمِعَ بالعِراق هذه

عَصاتي، بالتاء‏.‏ وفي الحديث‏:‏ أَنه حرم شجرَ المدينة إلاَّ عَصَا حَديدةٍ أَي

عصًا تصلح أَن تكون نِصاباً لآلة من الحديد‏.‏ وفي الحديث‏:‏ أَلا إن قَتِيل الخَطَإ قَتيلُ السَّوْطِ والعَصا، لأَنَّهما ليسا من آلات القتل، فإذا ضُرِبَ بهما أَحدٌ فماتَ كان قَتْلُه خطأً‏.‏

وعاصاني فعَصَوْتُه أَعْصُوه؛ عن اللحياني لم يزد على ذلك، وأُراه

أَرادَ خاشَنني بها أَو عارَضَني بها فغَلَبْتُه، وهذا قليل في الجواهر، إنما

بابه الأعْراضُ ككَرَمْتُه وفَخَرْتُه من الكَرَم والفَخْر‏.‏

وعَصَّاه العَصَا‏:‏ أَعطاه إياها؛ قال طُرَيح‏:‏

حَلاَّك خاتَمَها ومِنْبَرَ مُلْكِها، وعَصا الرسولِ كرامةً عَصَّاكَها

وأَلْقى المسافِرُ عَصاهُ إذا بَلَغ موضِعَه وأَقام، لأنه إذا بلغ ذلك

أَلْقى عَصاه فخيَّم أَو أَقام وتركَ السفر؛ قال مُعَقِّرُ بنُ حِمارٍ

البارقيُّ يصف امرأَةً كانت لا تَسْتَقِرُ على زَوْج، كلما تَزَوَّجت رجلاً

فارَقتْه واسْتَبْدلتْ آخرَ به، وقال ابن سيده‏:‏ كلما تزوَّجَها رجُلٌ لم تواتِه ولم تَكْشِفْ عن رأْسِها ولم تُلْقِ خِمارها، وكان ذلك علامة

إبائِها وأَنها تُريدُ الزَّوْج، ثم تَزَوَّجها رجُلٌ فرَضِيتْ به وأَلْقَتْ

خِمارها وكَشفتْ قِناعَها‏:‏

فأَلْقتْ عَصاها واسْتَقرَّ بها النَّوَى، كما قَرَّ عَيْناً بالإيابِ المُسافِرُ

وقال ابن بري‏:‏ هذا البَيتُ لعبدِ رَبِّه السلمي، ويقال لسُلَيْم بن ثُمامَة الحَنَفي، وكان هذا الشاعر سَيَّر امرأَتَه من اليمامة إِلى الكوفة؛ وأَول الشعر‏:‏

تَذَكَّرْتُ من أُمِّ الحُوَيْرث بَعْدَما

مَضَتْ حِجَجٌ عَشْرٌ، وذو الشَّوق ذاكِرُ

قال‏:‏ وذكر الآمِدي أَنَّ البيت لمُعَقِّر بن حمارٍ البارقي؛ وقبله‏:‏

وحَدَّثَها الرُّوّادُ أَنْ ليس بينَها، وبين قُرى نَجْرانَ والشامِ، كافِرُ

كافر أَي مَطَر؛ وقوله‏:‏

فأَلْقَتْ عَصاها واسْتَقرَّ بها النَّوى

يُضْرب هذا مثلاً لكلِّ منْ وافَقَه شيءٌ فأَقام عليه؛ وقال آخر‏:‏

فأَلْقَتْ عَصَا التَّسْيارِ عنها، وخَيَّمَتْ

بأَرْجاءِ عَذْبِ الماءِ بِيضٍ مَحافِرُه

وقيل‏:‏ أَلْقى عَصاه أَثْبَتَ أَوتادَه في الأَرض ثم خَيَّمَ، والجمع كالجمع؛ قال زهير‏:‏

وضَعْنَ عِصِيَّ الحاضِرِ المُتَخَيِّمِ

وقوله أَنشده ابن الأَعرابي‏:‏

أَظُنُّك لمَّا حَضْحَضَتْ بَطْنَكَ العَصا، ذَكَرْتَ من الأَرْحام ما لَسْتَ ناسِيا

قال‏:‏ العَصا عَصا البينَ هَهُنا‏.‏ الأَصمعي في باب تَشبيه الرجُل بأَبيه‏:‏

العَصَا من العُصَيّة؛ قال أَبو عبيد‏:‏ هكذا قال وأَنا أَحسَبُه العُصَيَّةُ من العَصَا، إِلاَّ أن يُرادَ به أَن الشيء الجلِيل إنما يكون في بَدْئه صَغِيراً، كما قالوا إن القَرْمَ من الأَفِيلِ، فيجوز على هذا المعنى أَنْ يقال العَصا من العُصَيَّة؛ قال الجوهري‏:‏ أَي بَعْضُ الأَمر من بَعضٍ؛ وقوله أَنشده ثعلب‏:‏

ويَكْفِيكَ أَنْ لا يَرْحلَ الضَّيْفُ مُغْضَباً عَصَا العَبْدِ، والبِئْرُ

التي لا تُمِيهُها

يعني بعَصَا العَبْدِ العُودَ الذي تحرَّكُ به المَلَّة وبالبئر التي لا

تُمِيهُها حُفْرَةَ المَلَّة، وأَرادَ أَنْ يرحَلَ الضيفُ مغْضَباً فزاد

لا كقوله تعالى‏:‏ ما مَنَعَك أَن لا تَسْجُد؛ أَي أَنْ تَسْجُدَ‏.‏

وأَعْصَى الكَرْمُ‏:‏ خَرَجَت عِيدانُه أَو عِصِيُّه ولم يُثْمِرْ‏.‏ قال الأَزهري‏:‏

ويقال للقوْم إِذا اسْتُذِلُّوا ما هم إِلاَّ عبيدُ العَصَا؛ قال ابن سيده‏:‏ وقولهم عبيدُ العَصا أَي يُضْرَبُون بها؛ قال‏:‏

قولا لِدُودانَ عَبِيدِ العَصَا‏:‏

ما غَرَّكمْ بالأَسَد الباسِلِ‏؟‏

وقَرَعْته بالعَصا‏:‏ ضَرَبْته؛ قال يزيد بن مُفَرِّغ‏:‏

العَبْدُ يُضْرَبُ بالعَصا، والحُرُّ تَكْفِيهِ المَلامَة

قال الأَزهري‏:‏ ومن أَمْثالِهم إِن العَصا قُرِعَتْ لذي الحِلْم؛ وذلك

أَن بعض حُكَّامِ العَرب أَسَنَّ وضعُف عن الحُكْم، فكان إِذا احْتَكَم

إِليه خَصْمانِ وزَلَّ في الحُكْم قَرَع له بعضُ ولدِه العَصا يُفَطِّنُه

بقَرْعِها للصَّواب فيَفْطُنُ له‏.‏ وأَما ما ورد في حديث أَبي جَهْمٍ‏:‏ فإنه

لا يَضَعُ عَصاهُ عن عاتِقِه، فقيل‏:‏ أَراد أَنه يُؤَدِّبُ أَهْلَه

بالضَّرْبِ، وقيل‏:‏ أَراد به كَثْرةَ الأَسْفار‏.‏ يقال‏:‏ رَفَع عَصاهُ إِذا سار، وأَلْقى عَصاهُ إِذا نزَل وأَقام‏.‏ وفي الحديث عن النبي، صلى الله عليه

وسلم، أَنه قال لرجُلٍ‏:‏ لا تَرْفَعْ عَصاكَ عن أَهْلِكَ أَي لا تَدَعْ

تَأْديبَهُم وجَمْعَهُم على طاعَةِ الله تعالى؛ روي عن الكسائي وغيره أَنه لم يُرِد العَصا التي يُضْرَبُ بها ولا أَمَر أَحَداً قطُّ بذلك، ولم يُرِدِ

الضَّرْبَ بالعَصا، ولكنه أَراد الأَدَبَ وجَعَلَه مَثَلاً يعني لا

تَغْفُلْ عن أَدَبهم ومَنْعِهم من الفَساد‏.‏ قال أَبو عبيد‏:‏ وأَصْلُ العَصا

الاجْتِماعُ والائْتِلافُ؛ ومنه الحديث‏:‏ إِن الخَوارجَ قد شَقُّوا عصا

المُسْلِمين وفَرَّقوا جَماعَتهم أَي شَقُّوا اجْتماعَهُم وأْتِلافَهُم؛ ومنه

حديث صِلَة‏:‏ إِيَّاك وقَتِيلَ العَصا؛ معناه إِيَّاك أَن تكونَ قاتِلاً

أَو مَقْتُولاً في شَقِّ عَصا المُسْلِمِين‏.‏ وانْشَقَّت العَصا أَي وقَع

الخِلافُ؛ قال الشاعر‏:‏

إِذا كانتِ الهَيْجاءُ وانْشَقَّت العَصا، فحَسْبُك والضَّحَّكَ سَيْفٌ مُهَنِّدُ

أَي يكفيك ويكفي الضَّحَّاكَ؛ قال ابن بري‏:‏ الواو في قوله والضحاك بمعنى

الباء، وإن كانت معطوفة على المفعول، كما تقول بِعْتُ الشاءَ شاةً

ودِرْهَماً، لأَن المعنى أَن الضَّحَّاكَ نَفْسَه هو السَّيْفُ المُهَنَّدُ، وليس المعنى يَكْفِيكَ ويَكْفِي الضَّحَّاك سَيْفٌ مُهَنَّدٌ كما ذكر‏.‏

ويقال للرجُلِ إِذا أَقام بالمَكان واطْمَأَنَّ واجْتَمع إِليه أَمْرُه‏:‏ قد

أَلْقى عصاه وأَلْقى بَوانِيَهُ‏.‏ أَبو الهيثم‏:‏ العَصا تُضْرَب مثلاً

للاجتماع، ويُضْرب انْشِقاقُها مثلاً للافْتِراقِ الذي لا يكونُ بعده

اجتماعٌ، وذلك لأَنها لا تُدْعى عَصاً إِذا انْشَقَّت؛ وأَنشد‏:‏

فَلِلَّهِ شَعْبَا طِيَّةٍ صَدَعا العَصا، هي اليَوْمَ شَتَّى، وهي أَمْسِ جَميع

قوله‏:‏ فَلِلَّه له معنيان‏:‏ أَحدهما أَنها لامُ تَعجُّب، تَعجَّبَ مما

كانا فيه من الأُنس واجتماعِ الشَّمْل، والثاني أَن ذلك مُصِيبَةٌ موجِعة

فقال‏:‏ لله ذلك يَفْعَلُ ما يشاءُ ولا حِيلة فيه للْعِباد إِلا التَّسْلِيم

كالاسْتِرْجاع‏.‏ والعِصِيُّ‏:‏ العظامُ التي في الجَناح؛ وقال‏:‏

وفي حُقّها الأَدْنى عِصيُّ القَوادم

وعَصا السَّاق‏:‏ عَظْمُّها، على التشبيه بالعَصا؛ قال ذو الرمة‏:‏

ورِجْلٍ كظِلِّ الذِّئْبِ أَلْحَقَ سَدْوَها

وظِيفٌ، أَمَرَّتْهُ عَصا السَّاقِ، أَرْوَحُ

ويقال‏:‏ قَرَع فلانٌ فلاناً بعَصا المَلامَةِ إِذا بالغَ في عذله، ولذلك

قيل للتَّوْبِيخ تَقْريعٌ‏.‏ وقال أَبو سعيد‏:‏ يقال فلانٌ يُصَلِّي عَصا

فلانٍ أَي يُدَبِّرُ أَمْره ويَلِيه؛ وأَنشد‏:‏

وما صَلَّى عَصاكَ كَمُسْتَدِيمِ

قال الأَزهري‏:‏ والأَصل في تَصْلِيَة العَصا أَنها إِذا اعْوَجَّتْ

أَلْزَمَها مُقَوِّمُها حَرَّ النَّارِ حتى تَلِين وتُجِيب التَّثْقِيفَ‏.‏

يقال‏:‏ صَلَّيْتُ العَصا النارَ إِذا أَلْزَمْتَها حَرَّها حتى تَلِينَ

لِغامِزها‏.‏ وتفاريقُ العَصا عند العرب‏:‏ أَن العَصا إِذا انْكَسَرَت جُعِلَت

أَشِظَّةً، ثم تُجْعَلُ الأَشِظَّةُ أَوْتاداً، ثم تجعل الأَوْتادُ تَوادِيَ

للصِّرار، يقال‏:‏ هو خَيْرٌ من تَفاريق العَصا‏.‏ ويقال‏:‏ فلانٌ يَعْصِي

الريحَ إِذا اسْتَقْبل مَهَبَّها ولم يَتَعرَّضْ لها‏.‏ ويقال‏:‏ عَصا إِذا

صَلُبَ؛ قال الأَزهري‏:‏ كأَنه ارادَ عسا، بالسين، فقَلَبها صاداً‏.‏ وعَصَوْتُ

الجُرْحَ‏:‏ شَدَدْتُه‏.‏

قال ابن بري‏:‏ العُنْصُوَة الخُصْلة من الشَّعَر‏.‏

قال‏:‏ وعَصَوَا البئر عَرْقُوتاهُ؛ وأَنشد لذي الرمة‏:‏

فجاءَتْ بنَسْجِ العَنْكبُوتِ كأَنَّه، على عَصَوَيْها، سابِرِيٌّ مُشَبْرَقُ

والذي ورد في الحديث‏:‏ أَنَّ رَجُلاً قال مَنْ يُطِعِ اللهَ ورسُوله

فقَدْ رَشَدَ ومنْ يَعْصِهِما فقد غَوى، فقال له النبي، صلى الله عليه وسلم‏:‏

بِئْسَ الخَطِيبُ أَنتَ قُلْ‏:‏ ومَنْ يَعْصِ اللهَ ورسُوله فقد غَوى؛ إِنما ذمَّه لأَنه جمَع في الضَّمِير بين الله تعالى ورسُوله في قوله ومن يَعْصِهِما، فأَمَرَهُ أَن يَأْتي بالمُظْهَرِ ليَتَرَتَّب اسم الله تعالى في الذِّكْر قبل اسْم الرَّسُول، وفيه دليل على أَن الواو تُفِيد

التَّرْتِيب‏.‏

والعِصيانُ‏:‏ خِلافُ الطَّاعَة‏.‏ عَصى العبدُ ربه إِذا خالَف أَمْرَه، وعصى فلان أَميرَه يَعْصِيه عَصْياً وعِصْياناً ومَعْصِيَةً إِذا لم يُطِعْهُ، فهو عاصٍ وعَصِيٌّ‏.‏ قال سيبويه‏:‏ لا يجيءُ هذا الضَّرْبُ على مَفْعِلٍ

إِلاَّ وفيه الهاء لأَنه إن جاءَ على مَفْعِلٍ، بغير هاءٍ، اعْتلَّ

فعدَلوا إِلى الأَخَفِّ‏.‏ وعاصَاهُ أَيضاً‏:‏ مثلُ عَصَاه‏.‏ ويقال للجَماعةِ إِذا

خَرَجَتْ عن طاعةِ السلْطان‏:‏ قد اسْتَعْصَتْ عليه‏.‏ وفي الحديث‏:‏ لْولا

أَنْ نَعْصِيَ اللهَ ما عَصانا أَي لم يَمْتَنعْ عن إِجابَتِنا إِذا

دَعَوْناه، فجعَل الجوابَ بمنْزِلة الخِطاب فسمَّاهُ عِصْياناً كقوله تعالى‏:‏

ومَكَرُوا ومَكَر الله‏.‏ وفي الحديث‏:‏ أَنه غيَّرَ اسْم العاصِي؛ إنما غَيَّره

لأَنَّ شعارَ المُؤْمِن الطَّاعة، والعِصْيانُ ضِدُّها‏.‏ وفي الحديث‏:‏ لم يكن أَسْلَم مِنْ عُصاة قُريش غير مُطِيع بن الأَسْوَدِ؛ يريد مَنْ كانَ

اسْمُه العاصِي‏.‏ واسْتَعْصى عليه الشيءُ‏:‏ اشْتَدَّ كأَنه من العِصْيانِ؛ أَنشد ابن الأَعرابي‏:‏

عَلِقَ الفُؤادُ برَيِّقِ الجَهْلِ

فأَبَرَّ واسْتَعْصَى على الأَهْلِ

والعاصي‏:‏ الفَصِيلُ إِذا لم يَتْبَع أُمَّه لأَنه كأَنه يَعْصِيها وقد

عَصى أُمَّه‏.‏ والعاصي‏:‏ العِرْقُ الذي لا يَرْقَأُ‏.‏ وعِرْقٌ عاصٍ‏:‏ لا

يَنْقَطعُ دَمُه، كما قالوا عانِدٌ ونَعَّارٌ، كأَنه يَعصي في الانْقِطاع الذي

يُبْغى منه، ومنه قول ذي الرمَّة‏:‏

وهُنَّ مِنْ واطئٍ تُثْنى حَوِيَّتُه

وناشِجٍ، وعَواصِي الجَوْفِ تَنْشَخِبُ

يعني عُروقاً تَقَطَّعَتْ في الجَوف فلم يَرْقَأْ دَمُها؛ وأَنشد

الجوهري‏:‏

صَرَتْ نَظْرةً، لوْ صادَفَتْ جَوْزَ دارِعٍ

غَدا، والعَواصِي مِنْ دَمِ الجَوْف تَنْعَرُ

وعَصى الطائِرُ يَعْصِي‏:‏ طار؛ قال الطرماح‏:‏

تُعِيرُ الرِّيحَ مَنْكِبَها، وتَعْصِي

بأَحْوذَ غَيْرِ مُخْتَلِف النَّباتِ

وابنُ أَبي عاصِيَة‏:‏ من شُعرائهم؛ ذكره ثعلب، وأَنشد له شِعْراً في مَعْن بن زائدة وغيره؛ قال ابن سيده‏:‏ وإنما حَمَلْناه على الياء لأَنهم قد

سمّوْا بضِدِّه، وهو قولُهُم في الرجل مُطِيع، وهو مُطِيع بن إياس قال‏:‏ ولا

عَليْك من اخْتِلافِهما بالذَّكَريَّة والإِناثيَّة، لأَن العَلَم في المذكَّر والمؤنث سواءٌ في كونه عَلَماً‏.‏ واعْتَصَت النَّواةُ أَي

اشْتَدَّتْ‏.‏ والعَصا‏:‏ اسمُ فَرس عوف بن الأَحْوصِ، وقيل‏:‏ فَرس قَصِير بن سعدٍ

اللخْمِي؛ ومن كلام قَصِير‏:‏ يا ضُلَّ ما تَجْري به العَصا‏.‏ وفي المثل‏:‏ رَكب

العَصا قصِير؛ قال الأَزهري‏:‏ كانت العَصا لجَذيمة الأَبْرش، وهو فَرسٌ

كانت من سَوابق خيْل العرب‏.‏ وعُصَيَّةُ‏:‏ قبيلةٌ من سُلَيم‏.‏

عضا‏:‏ العُضْوُ والعِضْوُ‏:‏ الواحدُ من أَعضاءِ الشاةِ وغيرها، وقيل‏:‏ هو كلُّ عَظْمٍ وافِرٍ بلَحْمه، وجمْعُهما أَعضاءٌ‏.‏ وعَضَّى الذَّبيحة‏:‏

قطَّعها أَعْضاءً‏.‏ وعَضَّيْتُ الشاةَ والجَزُور تَعْضِيةً إِذا جعَلْتها

أَعضاءً وقَسَمْتَها‏.‏ وفي حديث جابر في وقت صلاة العصر‏:‏ ما لوْ أَنَّ رجُلاً

نَحَرَ جَزُوراً وعَضَّاها قبل غُروبِ الشمسِ أَي قَطَّعَها وفَصَّلَ

أَعضاءَها‏.‏ وعَضَّى الشيءَ‏:‏ وزَّعَه وفرّقه؛ قال‏:‏

وليس دينُ اللهِ بالمُعَضَّى

ابن الأَعرابي‏:‏ وعَضا مالاً يَعْضُوه إِذا فرَّقَه

وفي الحديث‏:‏ لا تَعْضِيةَ في مِيراثٍ إِلاَّ فيما حَمَلَ القَسْمَ؛ معناه أن يموتَ المَيِّت ويَدَعَ شيئاً إِن قُسِمَ بينَ ورَثَته كان في ذلك

ضَرَرٌ على بعضهم أَو على جَميعِهم، يقول فلا يُقْسَم‏.‏ وعَضَّيت الشيءَ

تَعْضِية إِذا فَرَّقْته‏.‏ والتَّعْضِية‏:‏ التَّفْرِيقُ، وهو مأْخُوذٌ من الأَعْضاءِ‏.‏ قال‏:‏ والشيءُ اليَسِير الذي لا يَحْتَمِل القَسْمَ مثلُ

الحَبَّة من الجَوهر، لأَنها إِن فُرِّقَتْ لم يُنْتَفع بها، وكذلك الطَّيْلَسان

من الثياب والحَمَّام وما أَشْبهَه، وإِذا أَراد بعضُ الوَرَثَة

القَسْمَ لم يُجَبْ إِليه ولكن يُباعُ ثم يُقسم ثمنُه بينَهم‏.‏

والعِضَة‏:‏ القِطْعَة والفِرْقة‏.‏ في التنزيل‏:‏ جعَلُوا القرآن عِضِينَ؛ واحدَتها عضة ونقصانها الواو أَو الهاء، وقد ذكره في باب الهاء‏.‏ والعِضَةُ‏:‏

من الأسماء الناقِصة، وأَصلُها عِضْوَة، فنُقِصَت الواوُ، كما قالوا

عِزَة وأَصْلُها عِزْوَةُ، وثُبَة وأَصلُها ثُبْوَة من ثَبَّيت الشيء إِذا

جمَعْته؛ وفي حديث ابن عباس في تفسير جَعَلوا القرآن عِضِين‏:‏ أَي

جَزَّؤُوه أَجْزاءً، وقال الليث‏:‏ أَي جَعَلُوا القرآن عِضَةً عِضَة فتفَرَّقوا

فيه أَي آمَنوا ببَعْضِه وكفَروا ببَعضه، وكلُّ قِطعة عِضَةٌ؛ وقال ابن الأَعرابي‏:‏ جَعَلُوا القرآن عِضِين فرَّقوا فيه القَوْل فقالوا شِعْر وسِحْر

وكَهانة، قال المشركون‏:‏ أَساطِيرُ الأَوَّلِين، وقالوا سِحْرٌ، وقالوا

شِعْرٌ، وقالوا كَهانة فقسّمُوه هذه الأَقْسام وعَضَّوْه أَعْضاءً، وقيل‏:‏

إِنَّ أَهلَ الكِتابِ آمَنُوا ببعضٍ وكفَرُوا ببعضٍ كما فعل المشركون أَي

فرَّقوه كما تُعَضَّى الشاةُ؛ قال الأَزهري‏:‏ من جَعَل تفسير عِضِين

السِّحْرَ جعل واحدتها عِضَةً، قال‏:‏ وهي في الأَصل عِضَهَة، وقال ابن عباس‏:‏

كما أَنزلنا على المُقْتَسِمين؛ المُقْسمون اليَهودُ والنصارَى، والعِضةُ

الكَذِبُ منه، والجمع كالجمع‏.‏ ورجل عاضٍ بيِّن العُضُوِّ‏:‏ طَعِمٌ كاسٍ

مَكْفِيٌّ‏.‏ قال الأَصمعي‏:‏ في الدار فِرَقٌ من الناس وعِزُون وعِضُونَ

وأَصْناف بمعنى واحدٍ‏.‏

عطا‏:‏ العَطْوُ‏:‏ التَّناوُلُ، يقال منه‏:‏ عَطَوْت أَعْطُو‏.‏ وفي حديث أَبي

هريرة‏:‏ أَرْبَى الرِّبا عَطْوُ الرجُلِ عِرْضَ أَخِيه بغَير حَقٍّ أَي

تَناوُلُه بالذَّمِّ ونحوه‏.‏ وفي حديث عائشة، رضي الله عنها‏:‏ لا تَعْطُوهُ

الأَيْدِي أَي لا تَبْلُغُه فتَتناوَلَه‏.‏ وعَطا الشيءَ وعَطا إِليه

عَطْواً‏:‏ تَناوَله؛ قال الشاعر يصف ظبية‏:‏

وتَعْطُو البَرِيرَ، إِذا فاتَها، بِجِيدٍ تَرَى الخَدِّ منه أَسِيلاَ

وظَبيٌ عَطُوٌّ‏:‏ يَتطاوَلُ إِلى الشَّجَر ليَتناولَ منه، وكذلك الجَدْي، ورواه كُراع ظَبْيٌ عَطْوٌ وجَدْي عَطْوٌ، كأَنه وصفَهُما بالصدر‏.‏ وعَطا

بيدِه إِلى الإِناء‏:‏ تَناوَله وهو محمولٌ قَبل أَن يُوضَع على الأَرض؛ وقول بشر بن أَبي خازم‏:‏

أَو الأُدْم المُوَشَّحةَ العَواطِي

بأَيْدِيهِنَّ مِنْ سَلَمِ النِّعافِ

يعني الظِّباء وهي تَتطاوَلُ إِذا رَفَعت أَيْدِيها لتَتَناوَل

الشَّجَر، والإِعْطاءُ مأْخوذٌ من هذا‏.‏

قال الأَزهري‏:‏ وسَمِعتُ غير واحدٍ من العَرَب يقول لراحِلَته إِذا

انْفَسَحَ خَطْمُه عن مِخْطَمِه أَعْطِ فيَعُوجُ رأْسه إِلى راكبه فيُعِيدُ

الخَطْمَ على مَخْطِمِه‏.‏ ويقال‏:‏ أَعْطَى البعِيرُ إِذا انْقادَ ولم يَسْتَصْعِبْ‏.‏ والعَطاء‏:‏ نَوْلٌ للرجُلِ السَّمْحِ‏.‏ العَطاءُ والعَطِيَّة‏:‏ اسمٌ

لما يُعْطَى، والجمع عَطايا وأَعْطِيَة، وأَعْطِياتٌ جمعُ الجَمع؛ سيبويه‏:‏ لم يُكَسَّر على فُعُل كراهية الإِعْلالِ، ومن قال أُزْرٌ لم يقل

عُطْيٌ لأَن الأَصل عندَهم الحركة‏.‏ ويقال‏:‏ إِنَّه لَجَزيلُ العَطاء، وهو اسمٌ

جامِعٌ، فإذا أُفرِد قيلَ العَطيَّة، وجمعُها العَطايا، وأَمَّا الأَعطية

فهو جَمْع العَطاء‏.‏ يقال‏:‏ ثلاثةُ أَعْطِيةٍ، ثم أَعْطِياتٌ جمعُ الجمعِ‏.‏

وأَعطاه مالاً، والاسمُ العَطاء، وأَصله عَطارُ، بالواو، لأَنه من عَطَوْت، إِلا أَنَّ العرب تَهْمِزُ الواوَ والياء إِذا جاءتا بعد الأَلف

لأَنَّ الهمزة أَحْمَل للحركة منهما، ولأَنهم يستثقلون الوقف على الواو، وكذلك الياءُ مثل الرداءِ وأَصله رِدايٌ، فإِذا أَلْحقوا فيها الهاء فمنهم من يهمزها بناءً على الواحد فيقول عَطاءَةٌ ورِداءَةٌ، ومنهم من يَرُدُّها

إِلى الأَصل فيقول عَطاوة ورداية، وكذلك في التثنية عطاءَان وعطاوان

ورداءَان وردايان، قال ابن بري في قول الجوهري‏:‏ إِلا أَن العرب تهمز الواوَ

والياء إذا جاءَتا بعد الأَلف لأنّ الهمزة أَحْمل للحركة منهما، قال‏:‏ هذا

ليس سبَب قَلْبِها، وإِنما ذلك لكَوْنها متَطَرِّفة بعد أَلِفٍ زائدة، وقال في قوله في تثنية رداء ردايان، قال‏:‏ هذا وهَمٌ منه، وإنما هو رِداوانِ

بالواو، فليست الهمزةُ تُرَدُّ إِلى أضصْلِها كما ذَكَر، وإِنما تُبْدل

منها واوٌ في التثنية والنسَب والجمعِ بالأَلف والتاءِ‏.‏ ورجلٌ مِعْطاءٌ‏:‏

كثيرُ العَطاءِ، والجمعُ مَعاطٍ، وأَصلُّه معاطِييُ، اسْتَثْقلُوا

الياءَيْن وإِن لم يكونا بعد أَلِفٍ يَلِيانِها، ولا يمتَنع مَعاطِيّ كأَثافيّ؛ هذا قول سيبويه‏.‏ وقومٌ مَعاطِيُّ ومَعاطٍ؛ قال الأَخفش‏:‏ هذا مثلُ

قولِهِم مَفاتِيح ومَفاتِح وأَمانيّ وأَمانٍ‏.‏ وقولهم‏:‏ ما أَعْطاهُ للمال كما قالوا ما أَولاه للمَعْروف وما أَكْرَمَه لي وهذا شاذّ لا يَطرّد لأن التعجّب لا يدخل على أَفْعَلَ، وإنما يجوز من ذلك ما سُمِع من العرب ولا

يقاسُ عليه‏:‏ قال الجوهري‏:‏ ورجلٌ مِعطاءٌ كثير العَطاء، وامرأة مِعْطاءٌ

كذلك، ومِفْعالٌ يَسْتَوِي فيه المذكَّر والمؤنَّث‏.‏ والإِعْطاء والمُعاطاةُ

جميعاً‏:‏ المُناوَلة، وقد أَعْطاهُ الشيءَ‏.‏ وعَطَوْتُ الشيءَ‏:‏ تَناوَلْته

باليَدِ‏.‏ والمُعاطاة‏:‏ المُناوَلة‏.‏ وفي المَثل‏:‏ عاطٍ بغَيرِ أَنْواط أَي

يَتَناوَلُ ما لا مَطْمَع فيه ولا مُتَناوَل، وقيل‏:‏ يُضْرَب مثلاً لمن يَنْتَحِلُ عِلْماً لا يقومُ به؛ وقول القُطامي‏:‏

أَكُفْراً بعدَ رَدِّ المَوْتِ عَنِّي، وبعدَ عَطائِكَ المِاثَةَ الرِّتاعَا‏؟‏

عظي‏:‏ قال ابن سيده‏:‏ العَظاية على خِلْقة سامِّ أَبْرص أُعَيْظِمُ منها

شيئاً، والعَظاءَة لغة فيها كما يقال امرأَةٌ سَقَّاية وسقَّاءَة، والجمع عَظايا وعَظاءٌ‏.‏ وفي حديث عبد الرحمن بن عوف‏:‏ كَفِعْلِ الهِرِّ

يَفْتَرِسُ العَظايا؛ قال ابن الأَثير‏:‏ هي جمع عَظاية دُوَيْبَّة معروفة‏.‏ قال‏:‏

وقيل أَراد بها سامَّ أَبْرَصَ، قال سيبويه‏:‏ إِنما هُمِزَت عَظاءَة وإِن لم يكن حرفُ العِلة فيها طَرَفاً لأَنهم جاؤوا بالواحد على قولهم في الجمع

عِظاء‏.‏ قال ابن جني‏:‏ وأَما قولهم عَظاءَة وعَباءَةٌ وصَلاءَةٌ فقد كان

ينبغي، لمَّا لَحِقَت الهاءُ آخراً وجَرى الإِعرابُ عليها وقَويت الياءُ

ببعدِها عن الطرَف، أَن لا تُهْمَز، وأَن لا يقال إِلا عَظايةٌ وعَباية

وصَلاية فيُقْتَصَر على التصحيح دون الإِعلال، وأَن لا يجوز فيه الأَمران، كما اقتُصر في نهاية وغَباوةٍ وشقاوة وسِعاية ورماية على التصحيح دون

الإِعلالِ، إِلا أَنَّ الخليل، رحمه الله، قد علل ذلك فقال‏:‏ إِنهم إِنما بَنَوُا

الواحدَ على الجمع، فلما كانوا يقولون عَظاءٌ وعَباءٌ وصَلاءٌ، فيلزَمُهم إِعلالُ الياءِ لوقوعِها طرَفاً، أَدخلوا الهاء وقد انقَلَبت اللامُ

همزَةً فبَقيت اللامُ معتلَّة بعد الهاء كما كانت معتَلَّة قبلَها، قال‏:‏

فإِن قيل أَوَلست تَعْلَم أَن الواحد أَقدَم في الرُّتْبة من الجمع، وأن الجمعَ فَرعٌ على الواحد، فكيف جاز للأَصل، وهو عَظاءَةٌ، أَن يبني على

الفرع، وهو عَظاء؛ وهل هذا إِلا كما عابه أَصحابُك على الفراء في قوله‏:‏ إن الفعلَ الماضي إِنما بني على الفتح لأَنه حُمِل على التثنية فقيل ضرَب

لقولهم ضَرَبا، فمن أَين جازَ للخليل أَن يَحْمِل الواحدَ على الجمع، ولم يجُزْ للفراء أَن يحمِل الواحِدَ على التثنية‏؟‏ فالجواب أَن الانفصال من هذه الزيادة يكون من وجهين‏:‏ أَحدهما أَنَّ بين الواحدِ والجمعِ من المضارعة ما ليس بين الواحِدِ والتثنية، أَلا تَراك تقول قَصْرٌ وقُصُور

وقَصْراً وقُصُوراً وقَصْرٍ وقُصُورٍ، فتُعرب الجمع إعراب الواحد وتجد حرفَ

إِعراب الجمع حرف إِعراب الواحد، ولستَ تجد في التثنية شيئاً من ذلك، إِنما

هو قَصْران أَو قَصْرَيْن، فهذا مذهب غير مذهب قَصْرٍ وقُصُورٍ، أَوَ لا

ترى إِلى الواحد تختلف معانيه كاختلاف معاني الجمع، لأَنه قد يكونُ جمعٌ

أَكثرَ من جَمْعٍ، كما يكون الواحدُ مخالفاً للواحد في أَشياءَ كثيرة، وأَنت لا تجدُ هذا إِذا ثَنَّيْت إِنما تَنْتَظِم التثنية ما في الواحد

البتة، وهي لضرب من العدد البتة لا يكونُ اثنان أَكثرَ من اثنين كما تكون

جماعة أَكثرَ من جماعة، هذا هو الأَمر الغالب، وإِن كانت التثنية قد يراد بها

في بعض المواضع أَكثر من الاثنين فإِن ذلك قليل لا يبلغ اختلاف أَحوال

الجمع في الكثرة والقلَّة، فلما كانت بين الواحد والجمع هذه النسبة وهذه

المقاربة جاز للخليل أَن يحمل الواحدَ على الجمع، ولما بَعُدَ الواحد من التثنية في معانيه ومواقِعِه لم يجُزْ للفرّاء أَن يحمِل الواحدَ على

التثنية كما حمل الخليل الواحدَ على الجماعة‏.‏ وقالت أَعرابيَّة لمولاها، وقد

ضَرَبَها‏:‏ رَماكَ اللهُ بداءٍ ليس له دَواءٌ إِلا أَبْوالُ العَظاءِ وذلك

ما لا يوجد‏.‏

وعَظاه يَعْظُوه عَظْواً‏:‏ اغْتاله فسَقاه ما يَقْتُله، وكذلك إِذا

تَناوَله بلسانِه‏.‏ وفَعَل به ما عَظاه أَي ما ساءَه‏.‏ قال ابن شميل‏:‏ العَظا أن تأْكلَ الإِبلُ العُنْظُوانَ، وهو شجرٌ، فلا تستطيعَ أَن تَجْتَرَّه ولا

تَبْعَرَه فتَحْبَطَ بطونُها فيقال عَظِيَ الجَمَلُ يَعْظَى عَظاً

شديداً، فهو عَظٍ وعَظْيانُ إِذا أَكثر من أَكل العُنْظُوانِ فتوَلّد وجَعٌ في بطْنه‏.‏ وعَظاهُ الشيءُ يَعْظِيه عَظْياً‏:‏ ساءَه‏.‏ ومن أَمثالهم‏:‏ طَلبتُ ما يُلْهيني فلَقِيتُ ما يَعْظِيني أَي ما يَسُوءُني؛ أَنشد ابن الأَعرابي‏:‏

ثم تُغاديك بما يَعْظِيك

الأَزهري‏:‏ في المثل أَردتَ ما يُلْهيني فقُلْتَ ما يَعْظِيني؛ قال‏:‏ يقال هذا للرجل يريدُ أَن يَنْصَح صاحبَه فيُخْطِىُّ ويقولُ ما يسوءُه، قال‏:‏ ومثله أَراد ما يُحْظِيها فقال ما يَعْظِيها‏.‏ وحكى اللحياني عن ابن الأَعرابي قال‏:‏ ما تَصْنع بي ‏؟‏ قال‏:‏ ما عَظَاكَ وشَرَاك وأَوْرَمَك؛ يعني

ما ساءَك‏.‏ يقال‏:‏ قلت ما أَوْرَمَه وعَظَاه أَي قلت ما أَسْخَطهُ‏.‏ وعَظى

فلانٌ فلاناً إِذا ساءَه بأَمرٍ يأْتِيه إِليه يَعْظِيه عَظْياً‏.‏ ابن الأَعرابي‏:‏ عَظا فلاناً يَعْظُوه عَظْواً إِذا قَطَّعَه بالغِيبَة‏.‏ وعَظِي‏:‏

هلك‏.‏

والعَظاءَةُ‏:‏ بئرٌ بَعِيدة القَعْرِ عَذبة بالمَضْجَع بين رَمْل

السُّرَّة

وبِيشَة؛ عن

الهَجَري‏.‏

ولقي فلانٌ ما عَجاهُ وما عَظاهُ أَي لَقيَ شِدَّة‏.‏ ولَقّاه اللهُ ما عَظَاه أَي ما ساءه‏.‏

عفا‏:‏ في أَسماءِ الله تعالى‏:‏ العَفُوُّ، وهو فَعُولٌ من العَفْوِ، وهو التَّجاوُزُ عن الذنب وتَرْكُ العِقابِ عليه، وأَصلُه المَحْوُ والطَّمْس، وهو من أَبْنِية المُبالَغةِ‏.‏ يقال‏:‏ عَفَا يَعْفُو عَفْواً، فهو عافٍ

وعَفُوٌّ، قال الليث‏:‏ العَفْوُ عَفْوُ اللهِ، عز وجل، عن خَلْقِه، والله تعالى

العَفُوُّ الغَفُور‏.‏ وكلُّ من اسْتحقَّ عُقُوبةً فَتَرَكْتَها فقد عَفَوْتَ

عنه‏.‏ قال ابن الأَنباري في قوله تعالى‏:‏ عَفَا الله عنكَ لمَ أَذِنْتَ

لهُم؛ مَحا اللهُ عنكَ، مأْخوذ من قولهم عفَت الرياحُ الآثارَ إِذا دَرَسَتْها

ومَحَتْها، وقد عَفَت الآثارُ تَعْفُو عُفُوّاً، لفظُ اللازم

والمُتَعدِّي سواءٌ‏.‏ قال الأَزهري‏:‏ قرأْت بخَطّ شمر لأَبي زيد عَفا الله تعالى عن

العبد عَفْواً، وعَفَتِ الريحُ الأَثر عفاءً فعَفَا الأَثَرُ عُفُوّاً‏.‏ وفي حديث أَبي بكر، رضي الله عنه‏:‏ سَلُوا اللهَ العَفْو والعافية والمُعافاة، فأَما العَفْوُ فهو ما وصفْناه من مَحْو الله تعالى ذُنوبَ عبده عنه، وأَما

العافية فهو أَن يُعافيَهُ الله تعالى من سُقْمٍ أَو بَلِيَّةٍ وهي الصِّحَّةُ

ضدُّ المَرَض‏.‏ يقال‏:‏ عافاهُ الله وأَعْفاه أَي وهَب له العافية من العِلَل

والبَلايا‏.‏ وأَما المُعافاةُ فأَنْ يُعافِيَكَ اللهُ من الناس ويُعافِيَهم

منكَ أَي يُغْنيك عنهم ويغنيهم عنك ويصرف أَذاهم عنك وأَذاك عنهم، وقيل‏:‏

هي مُفاعَلَة من العفوِ، وهو أَن يَعْفُوَ عن الناس ويَعْفُوا هُمْ

عنه‏.‏ وقال الليث‏:‏ العافية دِفاعُ الله تعالى عن العبد‏.‏ يقال‏:‏ عافاه الله عافيةً، وهو اسم يوضع موضِع المصدر الحقيقي، وهو المُعافاةُ، وقد جاءَت مصادرُ

كثيرةٌ على فاعلة، تقول سَمعْت راغِيَة الإِبل وثاغِيَة الشاءِ أَي سمعتُ

رُغاءَها وثُغاءَها‏.‏ قال ابن سيده‏:‏ وأَعْفاهُ الله وعافاهُ مُعافاةً

وعافِيَةً مصدرٌ، كالعاقِبة والخاتِمة، أَصَحَّه وأَبْرأَه‏.‏ وعَفا عن ذَنْبه عَفْواً‏:‏ صَفَح، وعَفا الله عنه وأَعْفاه‏.‏ وقوله تعالى‏:‏ فمَن عُفِيَ له من أَخيه شيءٌ فاتِّباعٌ بالمعروف وأَداءٌ إِليه بإِحسانٍ؛ قال الأَزهري‏:‏

وهذه آية مشكلة، وقد فسَّرها ابن عباس ثم مَنْ بعدَه تفسيراً قَرَّبوه على

قَدْر أَفْهام أَهل عصرهم، فرأَيتُ أَن أَذكُر قولَ ابن عباس وأُؤَيِّدَه

بما يَزيدهُ بياناً ووُضوحاً، روى مجاهد قال‏:‏ سمعت ابنَ عباسٍ يقول كان

القصاصُ في بني إِسرائيلَ ولم تكن فيهم الدِّيَة، فقال الله عز وجل لهذه

الأُمَّة‏:‏ كتِب عليكم القِصاصُ في القَتْلى الحرُّ بالحُرِّ والعبدُ

بالعبدِ والأُنثْى بالأُنْثى فمن عُفِيَ له من أَخيه شيءٌ فاتّباع بالمعروف

وأَداءٌ إِليه بإِحسان؛ فالعَفْوُ‏:‏ أَن تُقْبَلَ الديَةُ في العَمْدِ، ذلك

تخفيفٌ من ربِّكم مما كُتِبَ على من كان قَبْلَكم، يطلُب هذا بإِحسانٍ

ويُؤَدِّي هذا بإحسانٍ‏.‏ قال الأَزهري‏:‏ فقول ابن عباس العَفْوُ أَن تُقْبَل

الديَة في العَمْد، الأَصلُ فيه أَنَّ العَفْو في موضوع اللغة الفضلُ، يقال‏:‏ عَفا فلان لفلان بماله إِذا أَفضَلَ له، وعفَا له عَمَّا له عليه إِذا

تَرَكه، وليس العَفْو في قوله فمن عُفِيَ له من أَخيه عَفْواً من وليِّ

الدَّمِ، ولكنه عفوٌ من الله عز وجل، وذلك أَنَّ سائرَ الأُمَم قبلَ هذه

الأُمَّة لم يكن لهم أَخذُ الدِّية إِذا قُتِلَ قتيل، فجعَله الله لهذه

الأُمة عَفْواً منه وفَضْلاً مع اختيار وَليِّ الدمِ ذلك في العمْد، وهو قوله

عز وجل‏:‏ فمن عُفِيَ له من أَخيه شيءٌ فاتّباعٌ بالمعروف؛ أَي مَن عَفا الله جَلَّ اسمُه بالدّية حين أَباحَ له أَخْذَها، بعدما كانت مَحْظُورةً

على سائر الأُمم مع اختياره إِيَّاها على الدَّمِ، فعليه اتِّباع بالمعروف

أَي مطالبَة للدِّية بمعرُوف، وعلى القاتل أَداءُ الديَةِ إِليه

بإحْسانٍ، ثم بَيَّنَ ذلك فقال‏:‏ ذلك تخفيفٌ من ربكم لكم يا أُمَّة محمدٍ، وفَضْل

جعله الله لأَوْلِياءِ الدم منكم، ورحمةٌ خصَّكم بها، فمن اعْتَدَى أَي فمن سَفَك دَمَ قاتل وليِّه بعدَ قبولِه الدِّيَة فله عذاب أَليم، والمعنى

الواضح في قوله عز وجل‏:‏ فمن عُفِيَ له من أَخيه شيء؛ أي من أُحِلَّ لَه

أَخذُ الدِّية بدلَ أَخيه المَقتول عفْواً من الله وفَضْلاً مع اختياره، فلْيطالِبْ بالمَعْروف، ومِن في قوله مِنْ أَخيه معناها البدل، والعَرَبُ

تقولُ عرَضْتُ له من حَقِّه ثَوْباً أَي أَعْطَيْته بدَل حقّه ثوباً؛ ومنه

قول الله عز وجل‏:‏ ولو نَشاءُ لَجَعَلْنا منكُم ملائكَة في الأَرض

يَخْلُقُون؛ يقول‏:‏ لو نشاء لجعلنا بدلكم ملائكة في الأَرض، والله أَعلم‏.‏ قال الأَزهري‏:‏ وما علمت أَحداً أَوضَح من مَعْنى هذه الآية ما أَوْضَحْتُه‏.‏ وقال ابن سيده‏:‏ كان الناسُ من سائِر الأُمَمِ يَقْتُلون الواحدَ بالواحدِ، فجعل الله لنا نحنُ العَفْوَ عَمَّن قتل إِن شِئْناه، فعُفِيَ على هذا مُتَعَدٍّ، أَلا تراه مُتَعَدِّياً هنا إِلى شيء‏؟‏ وقوله تعالى‏:‏ إِلاَّ أَنْ يَعْفُون

أَو يَعْفُوَ الذي بيده عُقْدَة النِّكاح؛ معناه إِلا أَن يَعْفُوَ

النساء أَو يعفُوَ الذي بيده عُقْدَة النكاح، وهو الزَّوْجُ أَو الوَليُّ إِذا

كان أَباً، ومعنى عَفْوِ المَرْأَة أَن تَعْفُوَ عن النِّصْفِ الواجبِ

لها فتَتْرُكَه للزوج، أَو يَعْفُوَ الزوج بالنّصفِ فيُعْطِيَها الكُلَّ؛ قال الأَزهري‏:‏ وأَما قولُ الله عزَّ وجلَّ في آية ما يجبُ للمرأَة من نصف

الصَّداق إِذا طُلِّقَت قبل الدخول بها فقال‏:‏ إِلاَّ أَن يعفُونَ أَو

يَعْفُوَ الذي بيده عُقْدَة النكاحِ، فإن العَفْوَ ههنا معناهُ الإِفْضالُ

بإعْطاء ما لا يَجبُ عليه، أَو تركُ المرأَة ما يَجبُ

لها؛ يقال‏:‏ عَفَوْتُ لِفلان بمالي إِذا أَفْضَلْت له فأَعْطَيْته، وعَفَوْت له عمَّا لي عليه إِذا تركْتَه له؛ وقوله‏:‏ إِلاَّ أَن يَعْفُونَ

فِعْلٌ لجَماعَةِ النِّساءِ يطلِّقُهُنَّ أَزْواجُهُنَّ قبل أن يَمَسُّوهُنَّ مع تسمية الأَزْواجِ لهنَّ مُهورَهُنَّ، فيَعْفُون لأَزْواجِهِنَّ بما

وَجَب لهن من نِصفِ المْهرِ ويَتْرُكْنَه لَهُم، أَو يَعْفُوَ الذي بيدِه

عُقْدةُ النكاحِ، وهو الزوج، بأَن يُتَمِّمَ لها المَهْر كله، وإِنما

وَجَبَ لها نصْفُه، وكلُّ واحد من الزَّوْجين عافٍ أَي مُفْضِلٌ، أَما

إِفْضالُ المرأَةِ فأَن تتركَ للزوج المُطَلِّق ما وجَبَ لها عليه من نِصف

المَهْر، وأَما إِفْضاله فأَنْ يُتِمَّ لها المَهْرَ كَمَلاً، لأن الواجِبَ عليه نصْفُه فيُفْضِلُ مُتَبَرِّعاً بالكلِّ، والنونُ من قوله

يعفُون نونُ فِعلِ جماعةِ النساءِ في يَفْعُلْنَ، ولو كان للرجال لوجَبَ أن يقال إِلاَّأَن يعفُوا، لأَنَّ أَن تنصب المستقبلَ وتحذف النونَ، وإِذا لم يكن مع فعلِ الرجال ما ينْصِب أَو يجزِم قيل هُم يَعْفُونَ، وكان في الأَصل يَعْفُوُون، فحُذِفت إِحْدى الواوينِ استثقالاً للجمع بينهما، فقيل

يَعْفُونَ، وأَما فِعلُ النساء فقِيلَ لهُنَّ يَعْفُونَ لأَنه على تقدير

يَفْعُلْنَ‏.‏ ورجل عَفُوٌّ عن الذَّنْبِ‏:‏ عافٍ‏.‏ وأَعْفاهُ من الأَمرِ‏:‏

بَرَّأَه‏.‏ واسْتَعْفاه‏:‏ طَلَب ذلك منه‏.‏ والاسْتِعْفاءُ‏:‏ أَن تَطْلُب إِلى من يُكَلِّفُكَ أَمراً أَن يُعْفِيَكَ مِنْه‏.‏ يقال‏:‏ أَعْفِني منَ الخرُوجِ

مَعَك أَي دَعْني منه‏.‏ واسْتَعْفاهُ من الخُروجِ مَعَه أَي سأَله

الإِعفاءَ منه‏.‏ وعَفَت الإِبلُ المَرعى‏:‏ تَناولَتْه قَريباً‏.‏ وعَفاه يَعْفُوه‏:‏

أَتاه، وقيل‏:‏ أَتاه يَطْلُب معروفه، والعَفْوُ المَعْروف، والعَفْوُ

الفضلُ‏.‏ وعَفَوْتُ الرجلَ إذا طَلَبْتَ فضلَه‏.‏ والعافية والعُفاةُ والعُفَّى‏:‏

الأَضْيافُ وطُلاَّب المَعْرُوف، وقيل‏:‏ هم الذين يَعْفُونك أي يأْتونك

يَطْلبُون ما عندك‏.‏ وعافيةُ الماء‏:‏ وارِدَتُه، واحدهم عافٍ‏.‏ وفلان تَعْفُوه

الأَضْيافُ وتَعْتَفيه الأَضْيافُ وهو كثير العُفَاةِ وكثيرُ العافية

وكثيرُ العُفَّى‏.‏ والعافي‏:‏ الرائدُ والوارِدُ لأَن ذلك كلَّه طلبٌ؛ قال الجُذامي يصف ماءً‏:‏

ذا عَرْمَضٍ تَخْضَرُّ كَفُّ عافِيهْ

أَي وارِدِه أَو مُسْتَقِيه‏.‏ والعافيةُ‏:‏ طُلاَّبُ الرزقِ من الإِنسِ

والدوابِّ والطَّيْر؛ أَنشد ثعلب‏:‏

لَعَزَّ عَلَيْنا، ونِعْمَ الفَتى

مَصِيرُك يا عَمْرُو، والعافِيهْ

يعني أَنْ قُتِلْتَ فصِرْتَ أُكْلةً للطَّيْر والضِّباعِ وهذا كلُّه

طَلَب‏.‏ وفي الحديث‏:‏ مَن أَحْيا أَرضاً مَيِّتَةً فهي له، وما أَكَلَتِ

العافيةُ منها فهو له صَدقةٌ، وفي رواية‏:‏ العَوافي‏.‏ وفي الحديث في ذكرِ

المدينة‏:‏ يتْرُكُها أَهلُها على أَحسنِ ما كانت مُذَلَّلة للعَوافِي؛ قال أبو عبيد‏:‏ الواحدُ من العافية عافٍ، وهو كلُّ من جاءَك يطلُب فضلاً أَو رزقاً

فهو عافٍ ومُعْتَفٍ، وقد عَفَاك يَعْفُوكَ، وجمعه عُفاةٌ؛ وأَنشد قول

الأَعشى‏:‏

تطوفُ العُفاةُ بأَبوابِه، كطَوْفِ النصارى ببَيْتِ الوَثنْ

قال‏:‏ وقد تكونُ العافيةُ في هذا الحديث من الناسِ وغيرهم، قال‏:‏ وبيانُ

ذلك في حديث أُمّ مُبَشِّرٍ الأَنصارية قالت‏:‏ دخل عَليَّ رسُول الله،صلى الله عليه وسلم، وأَنا في نَخْلٍ لي فقال‏:‏ مَن غَرَسَه أَمُسْلِمٌ أَم

كافرٌ‏؟‏قلت‏:‏ لا بَلْ مُسْلِمٌ، فقال‏:‏ ما من مُسْلِمٍ يَغْرِس غَرْساً أَو يزرَع

زرعاً فيأْكلُ منه إِنسانٌ أَو دابَةٌ أَو طائرٌ أَو سَبُعٌ إِلا كانت

له صدقةً‏.‏ وأَعطاه المالَ عَفْواً بغير مسألةٍ؛ قال الشاعر‏:‏

خُذِي العَفْوَ مني تَسْتَديمي مَوَدّتي، ولا تَنْطِقِي في سَوْرَتي حين أَغضَبُ

وأَنشدَ ابن بري‏:‏

فتَمْلأُ الهَجْمَ عَفْواً، وهْي وادِعَة، حتى تكادَ شِفاهُ الهَجْمِ تَنْثَلم وقال حسان بن ثابت‏:‏

خُذْ ما أَتى منهمُ عَفْواً، فإن مَنَعُوا، فلا يَكُنْ هَمَّكَ الشيءُ الذي مَنَعُوا

قال الأَزهري‏:‏ والمُعْفِي الذي يَصْحَبُكَ ولا يَتَعَرَّضُ لمَعْروفِك، تقولُ‏:‏ اصْطَحَبْنَا وكلُّنا مُعْفٍ؛ وقال ابن مقبل‏:‏

فإنَّكَ لا تَبْلُو امْرَأً دونَ صُحْبةٍ، وحتى تَعيشا مُعْفِيَيْنِ وتَجْهَدا

وعَفْوُ الملِ‏:‏ ما يُفْضُلُ عن النَّفَقة‏.‏ وقوله تعالى‏:‏ ويَسْأَلونك

ماذا يُنُفِقون قُلِ العَغْوَ؛ قال أَبو إسحق‏:‏ العَفْوُ الكثرة والفَضْلُ، فأُمِرُوا أَن يُنُفِقوا الفَضْل إلى أَن فُرِضَت الزكاةُ‏.‏ وقوله تعالى‏:‏

خُذِ العَفْوَ؛ قيل‏:‏ العَفْو الفَضْلُ الذي يجيءُ بغيرِ كُلْفَةٍ، والمعنى

اقْبَلِ المَيْسُورَ مِنْ أَخْلاقِ الناسِ ولا تَسْتَقْصِ عليهم

فيَسْتَقْصِيَ اللهُ عليك مع ما فيه من العَداوة والبَغْضاءِ‏.‏ وفي حديث ابن الزبير‏:‏

أَمَرَ اللهُ نَبيَّه أَن يأَخُذ العَفْوَ من أَخْلاقِ الناسِ؛ قال‏:‏ هو السَّهْل المُيَسَّر، أَي أَمرَه أَن يَحْتَمِل أَخْلاقَهُم ويَقْبَلَ

منها ما سَهُل وتَيَسَّر ولا يستَقْصِيَ عليهم‏.‏ وقال الفراء في قوله تعالى‏:‏

يسأَلونك ماذا يُنْفِقون قل العَفْو؛ قال‏:‏ وجه الكلام فيه النصبُ، يريدُ

قل يُنْفِقُون العَفْوَ، وهو فضلُ المال؛ وقال أَبو العباس‏:‏ مَنْ رَفَع

أَراد الذي يُنْفِقون العَفْوُ، قال‏:‏ وإنما اختار الفراء النصبَ لأن ماذا

عندنا حَرْفٌ واحد أَكثرُ في الكلام، فكأنه قال‏:‏ ما يُنْفِقُون، فلذلك

اخْتِيرَ النَّصبُ، قال‏:‏ ومَنْ جَعلَ ذا بمَعْنى الذي رَفَعَ، وقد يجوز أن يكونَ ماذا حرفاً، ويُرْفَع بالائتناف؛ وقال الزجاج‏:‏ نَزَلَت هذه

الآية قبلَ فرض الزكاة فأُمروا أَن يُنْفِقوا الفَضْلَ إلى أَن فُرضَت

الزكاةُ، فكان أَهلُ المَكاسِب يأْخذُ الرجلُ ما يُحْسِبه في كل يوم أَي ما يَكْفِيه ويَتَصَدَّقُ بباقيِه، ويأخذُ أَهلُ الذَّهَب والفِضَّة ما يَكْفِيهم في عامِهِمْ وينفِقُون باقيَهُ، هذا قد روي في التفسير، والذي عليه

الإجماع أَنَّ الزَّكاةَ في سائرِ الأشياء قد بُيِّنَ ما يَجْبُ فيها، وقيل‏:‏ العَفْوُ ما أَتَى بغَيرِ مسألةٍ‏.‏ والعافي‏:‏ ما أَتى على ذلك من غير

مسأَلةٍ أَيضاً؛ قال‏:‏

يُغْنِيكَ عافِيه وعِيدَ النَّحْزِ

النَّحْزُ‏:‏ الكَدُّ والنَّخْس، يقول‏:‏ ما جاءَكَ منه عَفْواً أَغْناكَ

عن غيره‏.‏ وأَدْرَكَ الأَمْرَ عَفْواً صَفْواً أَي في سُهُولة وسَراحٍ‏.‏

ويقال‏:‏ خُذْ من مالِه ما عَفا وصَفا أَي ما فَضَل ولم يَشُقَّ عليه‏.‏ وابن الأعرابي‏:‏ عَفا يَعْفُو إذا أَعطى، وعَفَا يَعْفُو إذا تَرَكَ حَقّاً، وأَعْفَى إذا أَنْفَقَ العَفْوَ من ماله، وهو الفاضِلُ عن نَفَقَتِه‏.‏ وعَفا

القومُ‏:‏ كَثُرُوا‏.‏ وفي التنزيل‏:‏ حتى عَفَوْا؛ أَي كَثُرُوا‏.‏ وعَفا

النَّبتُ والشَّعَرُ وغيرُه يَعْفُو فهو عافٍ‏:‏ كثُرَ وطالَ‏.‏ وفي الحديث‏:‏

أَنهصلى الله عليه وسلم، أَمَرَ بإعْفاء اللِّحَى؛ هو أَن يُوفَّر شَعَرُها

ويُكَثَّر ولا يُقَصَر كالشَّوارِبِ، من عَفا الشيءُ إذا كَثُرَ وزاد‏.‏ يقال‏:‏

أَعْفَيْتُه وعَفَّيْتُه لُغتان إذا فعَلتَ به كذلك‏.‏ وفي الصحاح‏:‏

وعَفَّيْتُه أَنا وأَعْفَيْتُه لغتان إذا فعَلْتَ به ذلك؛ ومنه حديث القصاص‏:‏ لا

أَعْفَى مَنْ قَتَل بعدَ أَخْذِ الدِّيَةِ؛ هذا دُعاء عليه أَي لا كَثُر

مالُه ولا اسْتَغنى؛ ومنه الحديث‏:‏ إذا دخَل صَفَرُ وعَفا الوَبَرُ

وبَرِئَ الدَّبَر حَلَّتِ العُمْرَةُ لِمَنِ اعْتَمَرَ، أَي كَثُرَ وبرُ

الإبلِ، وفي رواية‏:‏ وعَفا الأَثَرُ، بمعنى دَرَس وامَّحَى‏.‏ وفي حديث مُصْعَبِ

بن عُمَير‏:‏ إنه غلامٌ عافٍ أَي وافي اللَّحم كثيرُه‏.‏ والعافي‏:‏ الطويلُ

الشَّعَر‏.‏ وحديث عمر، رضي الله عنه‏:‏ إنَّ عامِلَنا ليسَ بالشَّعِثِ ولا

العافي، ويقال للشَّعَرِ إذا طال ووَفى عِفاءٌ؛ قال زهير‏:‏

أَذلِكَ أَمْ أَجَبُّ البَطْنِ جَأْبٌ، عَلَيْهِ، مِنْ عَقِيقَتِهِ، عِفاءُ‏؟‏

وناقةٌ ذاتُ عِفاءٍ‏:‏ كثيرةُ الوَبَر‏.‏ وعَفا شَعْرُ ظَهْرِ البعيرِ‏:‏

كَثُرَ وطالَ فغَطَّى دَبَرَه؛ وقوله أَنشده ابن الأَعرابي‏:‏

هَلاَّ سَأَلْت إذا الكَواكِبُ أَخْلَفَت، وعَفَتْ مَطِيَّة طالِبِ الأَنْسابِ

فسره فقال‏:‏ عَفَت أَي لم يَجِد أَحدٌ كريماً يرحلُ إليه فعَطَّل

مَطِيَّته فسَمِنت وكَثُر وَبَرُها‏.‏ وأَرضٌ عافيةٌ‏:‏ لم يُرْعَ نَبْتُها فوَفَرَ

وكثر‏.‏ وعَفْوَةُ المَرْعَى‏:‏ ما لم يُرْعَ فكان كثيراً‏.‏ وعَفَتِ الأَرضُ

إذا غَطَّاها النبات؛ قال حُمَيْد يصف داراً‏:‏

عَفَتْ مثلَ ما يَعْفُو الطَّلِيحُ فأَصْبَحَتْ

بها كِبرياءُ الصَّعْبِ، وهيَ رَكُوبُ

يقول‏:‏ غَطاها العشْبُ كما طَرَّ وَبَرُ البعيرِ وبَرَأَ دَبَرُه‏.‏

وعَفْوَةُ الماءِ‏:‏ جُمَّتُه قبل أَن يُسْتَقَى منه، وهو من الكثرة‏.‏ قال الليث‏:‏

ناقةٌ عافيةُ اللَّحْمِ *** كثيرةُ اللحم، ونوقٌ عافياتٌ؛ وقال لبيد‏:‏

بأَسْوُقِ عافياتِ اللحمِ كُوم

ويقالُ‏:‏ عَفُّوا ظَهْرَ هذا البعيرِ أَي دَعُوه حتى يَسْمَن‏.‏ ويقال‏:‏

عَفَا فلانٌ على فلان في العلمِ إذا زاد عليه؛ قال الراعي‏:‏

إذا كان الجِراءُ عَفَتْ عليه

أَي زادت عليه في الجَرْيِ؛ وروى ابن الأعرابي بيت البَعيث‏:‏

بَعِيد النَّوَى جالَتْ بإنسانِ عَيْنه

عِفاءَةُ دَمْعٍ جالَ حتى تَحَدَّرا

يعني دَمْعاً كَثُرَ وعَفَا فسالَ‏.‏ ويقال‏:‏ فلانٌ يعفُو على مُنْيةِ

المتَمَنِّي وسؤالِ السائلِ أَي يزيد عطاؤُه عليهما؛ وقال لبيد‏:‏

يَعْفُو على الجهْدِ والسؤالِ، كما يَعْفُو عِهادُ الأمْطارِ والرَّصَد

أَي يزيدُ ويُفْضُلُ‏.‏ وقال الليث‏:‏ العَفْوُ أَحلُّ المالِ وأَطْيَبُه‏.‏

وعَفْوُ كلِّ شيءٍ‏:‏ خِيارُه وأَجْوَدُه وما لا تَعَب فيه، وكذلك عُفاوَتُه

وعِفاوتُه‏.‏ وعَفا الماءُ إذا لم يَطأْهُ شيءٌ يُكَدِّرُه‏.‏

وعَفْوةُ المالِ والطعامِ والشَّرابِ وعِفْوَتُه؛ الكسر عن كراعٍ‏:‏ خياره

وما صفا منه وكَثُرَ، وقد عَفا عَفْواً وعُفُوّاً‏.‏

وفي حديث ابن الزبير أَنه قال للنابغة‏:‏ أَمَّا صَفْوُ أَموالِنا فلآلِ

الزُّبَيْرِ، وأما عَفْوُه فإن تَيْماً وأَسَداً تَشْغَلُه عنكَ‏.‏ قال الحَرْبي‏:‏ العَفْوُ أَحَلُّ المالِ وأَطيَبُه، وقيل‏:‏ عَفْوُ المالِ ما يَفْضُلُ عن النَّفَقة؛ قال ابن الأثير‏:‏ وكِلاهما جائزٌ في اللغة، قال‏:‏

والثاني أشبَه بهذا الحديث‏.‏ وعَفْوُ الماءِ‏:‏ ما فَضَل عن الشَّارِبَةِ وأُخذَ

بغيرِ كُلْفةٍ ولا مزاحمة عليه‏.‏ ويقال‏:‏ عفَّى على ما كان منه إذا أَصلَح

بعد الفساد‏.‏

أبو حنيفة‏:‏ العُفْوَة، بضم العين، من كل النبات لَيِّنُه وما لا مَؤُونة

على الراعية فيه‏.‏

وعَفْوة كلّ شيء وعِفَاوتُه؛ الضم عن اللحياني‏:‏ صَفْوُه وكثرَتُه، يقال‏:‏

ذَهَبَتْ عِفْوَة هذا النَّبْت أَي لِينُه وخَيرُه؛ قال ابن بري‏:‏ ومنه

قول الأخطل‏:‏

المانعينَ الماءَ حتى يَشْرَبوا

عِفْواتِه، ويُقَسِّمُوه سِِجالا

والعِفاوةُ‏:‏ ما يرفع للإنسان من مَرَقٍ‏.‏ والعافي‏:‏ ما يُرَدُّ في القِدْرِ من المَرَقةِ إذا اسْتُعِيرَتْ‏.‏ قال ابن سيده‏:‏ وعافِي القِدْرِ ما يُبْقِي فيها المُسْتَعِير لمُعِيرِها؛ قال مُضَرِّس الأَسَدي‏:‏

فلا تَسْأَليني، واسأَ ما خَلِيقَتي، إذا رَدَّ عافي القِدْرِ مَن يَسْتَعيرُها

قال ابن السكيت‏:‏ عافي في هذا البيت في موضع الرَّفْع لأَنه فاعل، ومن في موضع النَّصْب لأنه مفعول به، ومعناه أَنَّ صاحبَ القِدرِ إذا نَزَلَ

به الضَّيْفُ نَصَبَ لهم قِدْراً، فإذا جاءهُ مَنْ يستعير قِدْرهُ فرآها

منصوبَةً لهُم رجَعَ ولم يَطْلُبْها، والعافي‏:‏ هو الضَّيْفُ، كأَنه

يرُدُّ المُسْتَعِير لارْتِدادِه دونَ قضاءِ حاجَته، وقال غيرُه‏:‏ عافي القِدْرِ بقِيَّة المَرَقة يردُّها المستَعيرُ، وهو في موضع النَّصْبِ، وكانَ

وجه الكلام عافِيَ القدر فترَك الفتح للضرورة‏.‏ قال ابن بري‏:‏ قال ابن السكيت

العافي والعَفْوة والعِفاوة ما يَبْقَى في أَسْفَلِ القِدْرِ من مَرَقٍ

وما اخْتَلَط به، قال‏:‏ وموضِعُ عافي رَفْعٌ لأَنه هو الذي رَدَّ

المُسْتَعِير، وذلك لكلَب الزمان وكونه يمنَع إعارَة القِدْرِ لتِلك البَقِيَّة‏.‏

والعِفاوةُ‏:‏ الشيءُ يُرْفَع من الطَّعام للجارية تُسَمَّنُ فَتُؤثَرُ به؛ وقال الكميت‏:‏

وظَلَّ غُلامُ الحَيّ طَيّانَ ساغِباً، وكاعِبُهُم ذاتُ العِفاوَةِ أَسْغَبُ

قال الجوهري‏:‏ والعِفارة، بالكسر، ما يُرْفَعُ من المَرَقِ أَوَّلاً

يُخَصُّ به مَنْ يُكْرَم، وأَنشد بيت الكميت أَيضاً، تقول منه‏:‏ عَفَوْت له

منَ المَرَق إذا غَرَفْتَ له أَوَّلاً وآثَرْتَهُ به، وقيل‏:‏ العفاوة، بالكسر، أَوّل المَرَقِ وأَجودُه، والعُفاوة، بالضم، آخِرهُ يردُّها

مُسْتَعِيرُ القِدْرِ مع القِدْرِ؛ يقال منه‏:‏ عَفَوْت القِدْرَ إذا تركت ذلك في أَسفلها‏.‏

والعِفاء، بالمدِّ والكَسْر‏:‏ ما كَثُر من الوَبَر والرِّيشِ،الواحِدَةُ

عِفاءَةٌ؛ قال ابن بري‏:‏ ومنه قول ساعدة بن جؤية يصف الضبع‏:‏

كمَشْيِ الأَفْتَلِ السَّارِي عليه

عِفاءٌ، كالعَباءَةِ، عَفْشَلِيلُ

وعِفَاءُ النَّعام وغيره‏:‏ الريشُ الذي على الزِّفِّ الصِّغار، وكذلك

عِفاءُ الدِّيكِ ونحوه من الطير، الواحدة عِفاءَةٌ، ممدودة‏.‏ وناقةٌ ذاتِ

عِفاءٍ، وليست همزة العِفاءِ والعِفاءَةِ أَصْلِيَّة، إنما هي واو قلبتْ

أَلِفاً فمُدَّت مثل السماء، أَصلُ مَدَّتِها الواو، ويقال في الواحدة‏:‏

سَماوَة وسَماءَة، قال‏:‏ ولا يقال للرِّيشة الواحدة عِفاءَةٌ حتى تكون كثيرة

كَثيفة؛ وقال بعضُهم في همزة العِفاء‏:‏ إنَّها أَصلِيَّة؛ قال الأزهري‏:‏

وليست همزتها أَصليَّة عند النحويين الحُذَّاقِ، ولكنها همزةٌ ممدودة، وتصغيرها عُفَيٌّ‏.‏ وعِفاءُ السَّحابِ‏:‏ كالخَمْل في وجْهِه لا يَكادُ يُخْلِفُ‏.‏

وعِفْوَةُ الرجُل وعُفْوَتُه‏:‏ شَعَر رَأْسِه‏.‏

وعَفا المَنزِلُ يَعْفُو وعَفَت الدارُ ونحوُها عَفاءً وعُفُوّاً

وعَفَّت وتَعَفَّت تَعَفِّياً‏:‏ دَرَسَت، يَتَعدَّى ولا يَتَعَدَّى، وعَفَتْها

الرِّيحُ وعَفَّتْها، شدّد للمبالغة؛ وقال‏:‏

أَهاجَكَ رَبْعٌ دارِسُ الرَّسْمِ، باللِّوَى، لأَسماءَ عَفَّى آيَةُ المُورُ والقَطْرُ‏؟‏

ويقال‏:‏ عَفَّى اللهُ على أَثَرِ فلان وعَفا الله عليه وقَفَّى الله على أَثَرِ

فلانٍ وقَفا عليه بمعنًى واحدٍ‏.‏ والعُفِيُّ‏:‏ جمع عافٍ وهو الدارسُ‏.‏

وفي حديث الزكاة‏:‏ قد عَفَوْتُ عن الخَيل والرَّقيقِ فأَدُّوا زَكَاةَ

أَموالِكم أَي ترَكْتُ لكم أَخْذَ زكاتها وتجاوَزْت عنه، من قولهم عَفَت

الريحُ الأَثَرَ إذا طَمَسَتْه ومَحَتْه؛ ومنه حديث أَُم سلمة‏:‏ قالت

لعثمان، رضي الله عنهما‏:‏ لا تُعَفِّ سبيلاً كان رسول الله،صلى الله عليه وسلم، لَحَبَها أَي لا تَطْمِسْها؛ ومنه الحديث‏:‏ تَعافَوُا الحُدُود فيما بينكم؛ أَي تجاوَزُوا عنها ولا تَرْفَعُوها إ فإني متى علمْتُها أَقَمْتُها‏.‏ وفي حديث ابن عباس‏:‏ وسُئل عما في أَموال أَهلِ الذِّمَّةِ فقال العَفْو أَي

عُفِيَ لهم عَمَّا فيها من الصَّدَقَة وعن العُشْرِ في غَلاَّتهم‏.‏ وعَفا

أَثَرهُ عَفاءً‏:‏ هَلَك، على المَثَل؛ قال زهير يذكر داراً‏:‏

تَحَمَّلَ أَهلُها منها فبانُوا، على آثارِ مَن ذَهَبَ العَفاءُ

والعَفاءُ، بالفتح‏:‏ التُرابُ؛ روى أَبو هريرة، رضي الله عنه، عن

النبيِّ،صلى الله عليه وسلم، أنه قال‏:‏ إذا كان عندك قوتُ يومِكَ فعَلى الدنيا

العَفاءُ‏.‏ قال أَبو عبيدة وغيرُه‏:‏ العَفاءُ التراب، وأَنشد بيتَ زهير يذكر

الدارَ، وهذا كقولهم‏:‏ عليه الدَّبارُ إذا دَعا عليه أَنْ يُدْبِرَ فلا

يَرْجِع‏.‏ وفي حديث صفوانَ ابنِ مُحْرِزٍ‏:‏ إذا دَخَلْتُ بَيْتي فأَكَلْتُ

رغيفاً وشَرِبْتُ عليه ماءً فعَلى الدُّنْيا العَفاءُ‏.‏ والعَفاءُ‏:‏ الدُّرُوس

والهَلاكُ وذهاب الأَثَر‏.‏ وقال الليث‏:‏ يقال في السَّبِّ بِفيِهِ

العَفاءُ،وعليه العَفاءُ، والذئبُ العَوّاءُ؛ وذلك أَنَّ الذئب يَعْوِي في إثْرِ

الظاعِنِ إذا خَلَت الدار عليه، وأَما ما ورد في الحديث‏:‏ إن المُنافِقَ إذا مَرِضَ ثم أُعْفِيَ كان كالبعير عَقَلَه أَهلُه ثم أَرْسَلوه فلم يَدْرِ لِمَ عَقَلُوه ولا لِمَ أَرسَلوه؛ قال ابن الأثير‏:‏ أَُعْفي المريض بمعنى عُوفِيَ‏.‏ والعَفْوُ‏:‏ الأَرضُ الغُفْل لم تُوطَأْ وليست بها

آثارٌ‏.‏ قال ابن السكيت‏:‏ عَفْوُ البلاد ما لا أَثَرَ لأَحدٍ فيها بِمِلْكٍ‏.‏

وقال الشافعي في قول النبي،صلى الله عليه وسلم من أَحْيا أَرْضاً ميتَة فهي له‏:‏ إنما ذلك في عَفْوِ البلادِ التي لم تُمْلَكْ؛ وأَنشد ابن السكيت‏:‏

قَبيلةٌ كَشِراكِ النَّعْلِ دارِجةٌ، إنْ يَهْبِطُوا العَفْوَ لا يُوجَدْ لهم أَثَرُ

قال ابن بري‏:‏ الشِّعْر للأَخطَل؛ وقبله‏:‏

إنَّ اللَّهازِمَ لا تَنْفَكُّ تابِعَةً، هُمُ الذُّنابَى وشِرْبُ التابِع الكَدَرُ

قال‏:‏ والذي في شعره‏:‏

تَنْزُو النِّعاجُ عليها وهْي بارِكة، تَحْكي عَطاءَ سُويدٍ من بني غُبَرا

قبيلةٌ كشِراكِ النَّعْل دارجةٌ، إنْ يَهْبِطُوا عَفْوَ أَرضٍ لا ترى أَثرَا

قال الأزهري‏:‏ والعَفَا من البلاد، مقصورٌ، مثلُ العَفْو الذي لا ملْك

لأَحد فيه‏.‏ وفي الحديث‏:‏ أَنه أَقْطَعَ من أَرض المدينة ما كان عَفاً أَي

ما ليس لأحد فيه أَثَرٌ، وهو من عَفا الشيءُ إذا دَرَس أو ما ليس لأحد فيه

مِلْكٌ، من عفا الشيءُ يَعْفُو إذا صَفا وخلُص‏.‏ وفي الحديث‏:‏ ويَرْعَوْن

عَفاها أَي عَفْوَها‏.‏

والعَفْوُ والعِفْو والعَفا والعِفا، بقصرهما‏:‏ الجَحشُ، وفي التهذيب‏:‏

وَلَد الحِمار‏:‏ وَلَد الحِمار؛ وأَنشد ابن السكيت والمُفَصَّل لأَبي

الطَّمحان حَنْظَلة بن شَرْقيِّ‏:‏

بضَرْبٍ يُزيلُ الهامَ عن سَكِناتِه، وطَعْنٍ كتَشْهاقِ العَفَا هَمَّ بالنَّهْقِ

والجمع أَعْفاءٌ وعِفاءٌ وعِفْوةٌ‏.‏ والعِفاوة، بكسر العين‏:‏ الأَتانُ

بعَينِها؛ عن ابن الأعرابي‏.‏ أَبو زيد‏:‏ يقال عِفْوٌ وثلاثة عِفَوَةٍ مثلُ

قِرَطَةٍ، قال‏:‏ وهو الجَحْشُ والمُهْرُ أَيضاً، وكذلك العِجَلَة والظِّئَبة

جمع الظَّأْبِ، وهو السلْفُ‏.‏ أَبو زيد‏:‏ العِفَوَةُ أَفْتاءُ الحُمُر، قال‏:‏ ولا أَعلم في جميع كلام العرب واواً متحركة بعد حرف متحرك في آخر

البناء غيرَ واوِ عِفَوَةٍ، قال‏:‏ وهي لغة لقَيس، كَرهُوا أَن يقولوا عفاة في موضع فِعَلة، وهم يريدون الجماعة، فتَلْتَبس بوُحْدانِ الأَسماء، وقال‏:‏

ولو متكَلِّف أَن يَبنيَ من العفو اسماً مفْرداً على بناء فِعَلة لقال عِفاة‏.‏ وفي حديث أبي ذرّ، رضي الله عنه‏:‏ أَنه ترك أَتانَيْن وعِفْواً؛ العِفْو، بالكسر والضم والفتح‏:‏ الجَحْش، قال ابن الأثير‏:‏ والأُنثى عُفٌوة

وعِفْوَة‏.‏ ومعافًى‏:‏ اسم رجل؛ عن ثعلب‏.‏

عقا‏:‏ العَقْوةُ والعَقَاةُ‏:‏ الساحة وما حوْلَ الدارِ والمَحَلَّة، وجمعُهما عِقاءٌ‏.‏ وعَقْوَةُ الدار‏:‏ ساحَتُها؛ يقال‏:‏ نَزَل بعَقْوَته، ويقال‏:‏

ما بِعَقْوةِ هذه الدَّار مثل فلانٍ، وتقول‏:‏ ما يَطُورُ أَحد بعقوَة هذا

الأسدِ، ونَزَلَت الخيلُ بعَقْوة العَدُؤِّ‏.‏ وفي حديث ابن عمر، رضي الله عنهما‏:‏ المؤمنُ الذي يأْمَنُ مَن أَمْسى بعَقْوتِه؛ عَقْوةُ الدارِ حَوْلَها

وقريباً منها‏.‏ وعَقَا يَعْقُو واعْتَقَى‏:‏ احْتَقفَرَ البئر فأَنْبَطَ من جانبها‏.‏ والاعتقاء‏:‏ أَن يأْخذَ الحافِرُ في البئر يمنَةً ويَسْرَةً إذا

لم يُمكِنُه أَن يُنْبِطَ الماءَ من قَعْرِها، والرجلُ يحفرُ البئرَ فإذا

لم يُنْبِطِ الماءَ من قَعْرها اعْتَقَى يَمْنَةً ويَسْرَةً‏.‏ واعْتَقَى

في كلامه‏:‏ استَوْفاه ولم يَقْصِدْ، وكذلك الأَخذ في شُعَبِ الكلامِ، ويَشْتَقُّ الإنسانُ الكلامَ فيَعْتَقي فيه، والعاقي كذلك، قال‏:‏ وقَلَّما

يقولون عَقَا يَعْقُو؛ وأَنشد لبعضهم‏:‏

ولقد دَرِبْتُ بالاعتِقا

ءِ والاعْتقامِ، فنِلْت نُجْحَا

وقال رؤبة‏:‏

بشَيْظَمِيٍّ يفهمُ التَّفهيما، ويَعْتَقي بالعُقَمِ التَّعْقيما

وقال غيره‏:‏ معنى قوله‏:‏

ويَعْتَقي بالعُقَمِ التَّعْقيما

معنى يعْتَقي أي يحبِسُ ويمنَع بالعُقم التَّعْقيمَ أَي بالشرِّ الشرَّ‏.‏

قال الأزهري‏:‏ أَما الاعْتقام في الحَفْر فقد فسرناه في موضعه من عَقَم، وأَما الاعتقاء في الحفر بمعنى الاعتقامِ فما سمعتُه لغير الليث؛ قال ابن بري البيت‏:‏

بشُطَسِيٍّ يفهم التَّفْهيما

قال‏:‏ ويَعْتَقِي يَرُدُّ أَي يردُّ أَمر من عَلا عليه، قال‏:‏ وقيل

التعقيمُ هنا القَهْرُ‏.‏

ويقال‏:‏ عَقَّ الرجلُ بسَهْمِه إذا رَمى به في السماء فارتَفع، ويُسَمَّى

ذلك السهمُ العَقيقة‏.‏ وقال أَبو عبيدة‏:‏ عَقَّى الرامي بسهمِه فجعله من عَقَّق‏.‏ وعَقَّى بالسهم‏:‏ رَمى به في الهواء فارتفع، لغة في عَقَّه؛ قال المُتَنَخَّل الهذ‏:‏

عَقَّوا بسَهْمٍ فلم يَشْعُرْ به أَحدٌ، ثم اسْتَفاؤُوا وقالوا‏:‏ حَبَّذا الوَضَحُ

يقول‏:‏ رَمَوْا بسهمٍ نحو الهواءِ إِشْعاراً أَنهم قد قَبِلوا الدِّية

ورَضُوا بها عِوَضاً عن الدَّمِ، والوَضَحُ اللَّبنَ أَي قالوا حَبَّذا

الإِبل التي نأْخُذُها بدَلاً من دَمِ قَتِيلنا فنشرَبَ أَلبْانَها، وقد

تَقَدَّم ذلك‏.‏

وعَقَا العَلَمُ، وهو البَنْدُ‏:‏ عَلا في الهواء؛ وأَنشد ابن الأَعرابي‏:‏

وهْوَ، إذا الحَرْبُ عَقَا عُقَابُهُ، كُرْهَ اللِّقاء تَلْتَظي حِرابه ذكّر الحَرْب على معنى القِتال، ويروى‏:‏ عَفَا عُقابُه أَي كثُر‏.‏ وعَقَّى

الطائِرُ إذا ارْتَفَع في طَيَرانه‏.‏ وعَقَّتِ العُقاب‏:‏ ارْتَفَعَت، وكذلك النَّسْر‏.‏ والمُعَقِّي‏:‏ الحائِمُ على الشيء المُرْتَفِعُ كما تَرْتَفِعُ العُقابُ، وقيل‏:‏ المُعَقِّي الحائِمُ المُسْتَدِيرُ من العِقْبَان

بالشيء‏.‏ وعَقَّتِ الدَّلْوُ إذا ارْتَفَعت في البِئْر وهي تَسْتَديرُ؛ وأَنشد

في صفة دلو‏:‏

لا دَلْوَ إلاَّ مِثْلُ دَلْوِ أُهْبانْ، واسِعَة الفَرْغ أَدِيمانِ اثْنانْ

مما تَبَقَّى من عُكاظِ الرُّكْبانْ، إذا الكُفاةُ اضطَجَعُوا للأَذْقانْ

عَقَّت كما عَقَّتْ دَلُوفُ العِقْبانْ، بها فَنَاهِبْ كلَّ ساقٍ عَجْلانْ

عقَّتْ أَي حامَتْ، وقيل‏:‏ ارْتَفَعتْ، يعني الدَّلْوَ، كما تَرْتَفِعُ

العُقابُ في السماء، قال‏:‏ وأَصله عَقَّقَتْ، فلمَّا توالْتَ ثلاثُ قافَاتٍ

قُلِبت إحداهنَّ ياءً؛ كما قال العجاج‏:‏

تَقَضِّيَ البازي إذا البازي كَسَرْ

ومثله قولهم‏:‏ التظَنِّي من الظَّنّ والتَّلَعِّي من اللُّعاعَةِ، قال‏:‏

وأَصل تَعْقِيَةِ الدَّلْوِ من العَقِّ وهو الشَّقُّ؛ أَنشد أَبو عمرو

لعَطاءٍ الأَسَدي‏:‏

وعَقَّتْ دَلْوُهُ حينَ اسْتَقَلَّت

بما فيها، كَتَعْقِيَةِ العُقابِ

واعْتَقى الشيءَ وعَقَاه‏:‏ احْتَبَسَه، مقلوب عن اعْتاقَه؛ ومنه قول

الراعي‏:‏

صَباً تَعْتَقِيها تارَةً وتُقِيمُها

وقال بعضهم‏:‏ معنى تَعْتَقيها تُمْضِيها، وقال الأَصمعي‏:‏ تَحْتَبِسُها‏.‏

والاعْتِقاءُ‏:‏ الاحْتِباسُ، وهو قَلْبُ الاعْتِيَاق؛ قال ابن بري‏:‏ ومنه

قول مزاحم‏:‏

صَباً وشَمالاً نَيْرَجاً يَعْتَقِيهما

أَحايين نَوْبات الجَنُوبِ الزَّفازِف

وقال ابن الرقاع‏:‏

ودُونَ ذلِكَ غُولٌ يَعْتَقي الأَجَلا

وقالوا‏:‏ عاقٍ على تَوَهُّمِ عَقَوْتُه‏.‏ الجوهري‏:‏ عَقَاه يَعْقُوه إذا

عاقَه، على القَلْب، وعاقَني وعاقاني وعَقَاني بمعنىً واحدٍ؛ وأَنشد أبو عبيد لذي الخِرَقِ الطُّهَوي‏:‏

أَلَمْ تَعْجَبْ لذِئْبٍ باتَ يَسْري

ليُؤْذِنَ صاحِبًا لهُ باللَّحاقِ

حَسِبْتَ بُغامَ راحِلتي عَناقًا، وما هِيَ، ويْبَ غَيْرِكَ بالعَناقِ

ولَوْ أَني رَمَيْتُكَ من قَريبٍ، لعَاقَك عن دُعاءِ الذِّئْبِ عاقِ

ولكنِّي رَمَيتُك من بَعِيدٍ، فلَمْ أَفْعَلْ وقدْ أَوهَتْ بساقي

عليكَ الشاءَ شاءَ بني تَمِيمٍ، فعَافِقْهُ فإنَّكَ ذو عِفاقِ

أراد بقوله عاقِ عائِقٌ فقَلَبه، وقيل‏:‏ هو على توهم عَقَوْتُه‏.‏ قال الأَزهري‏:‏ يجوز عاقَني عنْك عائِقٌ وعَقاني عنكَ عاقٍ بمعنىً واحد على

القَلْب؛ وهذا الشعر اسْتَشْهد الجوهري بقوله‏:‏

ولو أَني رميتك من قريبٍ

وقال في إيراده‏:‏ ولو أَني رميتك من بَعيدٍ، لعاقَك‏.‏ قال ابن بري وصواب

إنشاده‏:‏

ولو أَنيَ رَمَيْتُك من قَريبٍ

لعَاقَك عن دُعاءِ الذِّئْبِ عاقِ

كما أَوردناه‏.‏ وعَقَا يَعْقُو ويَعْقِي إذا كَرِه شيئاً‏.‏ والعاقي‏:‏

الكارِهُ للشيء‏.‏

والعِقْيُ، بالكسر‏:‏ أولُ ما يَخْرُجُ من بَطْن الصَّبي يَخْرَؤُه حين

يولد إذا أَحْدَثَ أَولَ ما يُحْدِثُ؛ قال الجوهري‏:‏ وبعد ذلك ما دام

صغيراً‏.‏ يقال في المثل‏:‏ أَحْرَصُ من كَلْبٍ على عِقْيِ صَبيٍّ؛ وهو الرَّدَجُ

من السَّخْلة والمُهْر‏.‏ قال ابن شميل‏:‏ الحُوَلاءُ مضمَنة لما يَخْرُجُ من جَوْف الوَلد وهو فيها، وهو أَعْقاؤه، والواحد عِقْيٌ، وهو شيء يخرُج من دُبُره وهو في بطنِ أُمّه أَسْودُ بَعْضِه وأَصْفَرُ بَعْضٍ، وقد عَقى

يَعْقي يَعني الحُوارَ إذا نُتِجَتْ أُمُّه، فما خرج من دُبُره عِقْيٌ حتى

يأْكل الشَّجَر‏.‏ وفي حديث ابن عباس وسُئل عن امْرَأَةٍ أَرضعَت صَبياً

رَضْعةً فقال‏:‏ إذا عَقَى حَرُمَت عليه المرأَةُ وما ولَدَتْ، العِقْيُ‏:‏ ما يَخْرُِج من بَطْنِ الصَّبيِّ حين يُولَدُ أَسودُ لزجٌ كالغِراءِ قبلَ

أَن يَطْعَم، وإنما شرطَ العَقْيَ ليُعْلم أَن اللبَن قد صارَ في جَوفه

ولأَنْه لا يَعْقي من ذلك اللَّبنِ حتى يصير في جوفه؛ قال ابن سيده‏:‏ وهو كذلك من المُهْر والجَحْشِ والفَصيلَ والجَدْي، والجمع أَعْقاءٌ، وقد

عَقَى المَوْلُودُ يَعْقي من الإنْس والدوابِّ عَقْياً، فإذا رَضَع فما بعد

ذلك فهو الطَّوْفُ‏.‏ وعَقَّاه‏:‏ سَقاه دواءً يُسْقِط عِقْيَه‏.‏ يقال‏:‏ هل

عَقَّيْتُم صبيَّكُم أَي سقَيتُموه عَسَلاً ليَسْقُط عِقْيُه‏.‏ والعِقْيانُ‏:‏

ذهبٌ ينبتُ نَباتاً وليس مما يُستَذابُ ويُحصَّلُ من الحجارة، وقيل‏:‏ هو الذَّهبُ الخالصُ‏.‏ وفي حديث عليٍّ‏:‏ لو أَراد الله أَن يَفْتَحَ عليهم

مَعادن العِقْيان؛ قيل‏:‏ هو الذَّهبَ الخالصُ، وقيل‏:‏ هو ما ينبُتُ منه نَباتاً، والأَلف والنون زائدتان‏.‏

وأَعْقى الشيءُ يُعْقي إعْقاء‏:‏ صار مُرّاً، وقيل‏:‏ اشْتَدَّتْ مَرارَتُه‏.‏ ويقال في مَثلٍ‏:‏ لا تكُنْ مَرًّا فتُعْقِيَ ولا حُلْواً فتُزْدَرَدَ، ويقال‏:‏ فتُعْقَى، فمن رواه فتُعْقِيَ على تُفْعِل فمعناه فتَشْتَدَّ

مرارَتُك، ومن رواه فتُعْقَى فمعناه فتُلْفَظَ لمرارَتِكَ‏.‏ وأَعْقَيْتُ الشيء

إذا أَزَلْته من فيك لِمَرارَتِه، كما تقولُ‏:‏ أَشْكَيْتُ الرجلَ إذا

أَزَلْتَه عما يَشْكُو‏.‏ وفي النوادر‏:‏ يقال ما أَدْري مِنْ أَيْنَ عُقِيت ولا

من أَيْنَ طُبِيت، واعْتُقِيت واطُّبِيت، ولا مِنْ أَيْنَ أُتِيت ولا

مِنْ أَيْنَ اغْتُيِلْت بمعنى واحد‏.‏ قال الأزهري‏:‏ وجه الكلام اغْتِلْت‏.‏

وبَنُو العِقْيِ‏:‏ قبيلةٌ وهُم العُقاةُ‏.‏

عكا‏:‏ العُكْوَة‏:‏ أَصلُ اللِّسانِ، والأكثر العَكَدَة‏.‏ والعَكْوَة‏:‏ أَصلُ

الذَّنَب، بفتح العين، حيثُ عَرِيَ من الشَّعرَ من مَغْرِز الذَّنَب، وقيل فيه لغتان‏:‏ عَكْوة، وجمعها عُكىً وعِكاءٌ؛ قال الشاعر‏:‏

هَلَكْتَ، إن شَرِبْتَ في إكْبابها، حتَّى تُوَلِّيك عُكَى أَذْنابِها

قال ابن الأَعرابي‏:‏ وإذا تَعَطَّف ذَنَبُه عند العَكْوة وتعَقَّد قيلَ

بَعِيرٌ أَعْكى‏.‏ ويقال‏:‏ بِرْذَوْنٌ مَعْكُوٌّ؛ قال الأَزهري‏:‏ ولو

استعْمِل الفعلُ في هذا لقِيل عَكِيَ يَعْكى فهو أَعكَى، قال‏:‏ ولم أَسْمَعْ

ذلك‏.‏ وعَكا الذَّنَبَ عَكْواً‏:‏ عَطَفَه إلى العُكْوة وعَقَده‏.‏ وعَكَوْتُ

ذَنَبَ الدابةِ، وعكى الضَّبُّ بذَنَبِه‏:‏ لواه، والضَّبُّ يعكُو بذَنَبه يَلْويه ويَعْقِدُه هنالك‏.‏ والأَعْكى‏:‏ الشديد العُكْوة‏.‏

وشاةٌ عَكْواءُ‏:‏ بيضاءُ الذَّنَبِ وسائِرُها أَسْودُ ولا فِعْلَ له ولا

يكون صفةً للمذكَّر، وقيل‏:‏ الشاةُ التي ابْيَضَّ مؤَخَّرُها واسْودَّ

سائرُها‏.‏

وعُكْوةُ كلِّ شيءٍ‏:‏ غِلَظُه ومُعْظَمُه‏.‏ والعُكْوة‏:‏ الحُجْزة

الغَلِيظة‏.‏ وعَكا بإزاره عَكْواً‏:‏ أَعْظَم حُجْزَتَه وغَلَّظها‏.‏ وعَكَت الناقةُ

والإبل تَعْكُو عَكْواً‏:‏ غَلُظَت وسَمِنَتْ من الربيع واشتَدَّتْ من السِّمَنِ‏.‏ وإبلٌ مِعْكاءٌ‏:‏ غَلِيظة سَمينة ممتلئة، وقيل‏:‏ هي التي تَكْثُر

فيكونُ رأْس ذا عند عُكْوة ذا؛ قال النابغة‏:‏

الواهِب المائَةَ المِعْكاءَ زَيَّنَها الـ *** ـسَّعدانُ يُوضح في أَوْبارِها اللِّبَدِ

ابن السكيت‏:‏ المِعْكاءُ، على مِفْعالٍ، الإبلُ المجتمعة، يقال‏:‏ مائة

مِعْكاءٌ، ويُوضِحُ‏:‏ يُبَيِّنُ في أَوْبارِها إذا رُعِيَ فقال المائةَ

المِعْكاءَ أَي هِي الغِلاظُ الشِّداد، لا يثنّى ولا يجمع؛ قال أَوس‏:‏

الواهِب المائةَ المِعكاءَ يَشْفَعُها، يَومَ الفِضالِ، بأُخْرَى، غير مجْهُود

والعاكي‏:‏ الشادُّ، وقد عَكا إذا شَدَّ، ومنه عَكْوُ الذَّنَبِ وهو شَدُّه‏.‏ والعُكْوةُ‏:‏ الوَسَط لغِلَظِه‏.‏ والعاكي‏:‏ الغَزَّالُ الذي يبِيع

العُكى، جمع عُكْوة، وهي الغَزْلُ الذي يَخْرُج من المِغْزَلِ قبلَ أن يُكَبَّبَ على الدُّجاجة، وهي الكُبَّة‏.‏ ويقال‏:‏ عَكا بإزارِه يَعْكُو عُكِيّاً

أَغْلَظَ مَعْقِدَه، وقيل‏:‏ إذا شَّده قالِصاً عن بَطْنِه لئَلاَّ

يَسْتَرْخِيَ لِضِخَمِ بطنه؛ قال ابن مقبل‏:‏

شُمٌّ مَخامِيضُ لا يَعْكون بالأُزُرِ

يقول‏:‏ ليسوا بِعظام البطون فيرفعوا مآزِرَهُم عن البطونِ ولكنهم لِطافُ

البطون‏.‏ وقال الفراء‏:‏ هو عَكْوانُ من الشَّحْمِ، وامرأَة مُعَكِّيةٌ‏.‏

ويقال‏:‏ عَكَوْتُه في الحديد والوَثاقِ عَكْواً إذا شَدَدْتَه؛ قال أُمَيَّة

يذكر مُلْك سليمان‏:‏

أَيُّما شاطِنٍ عَصاهُ عَكاهُ، ثم يُلْقى في السِّجنِ والأَغْلالِ

والأَعْكى‏:‏ الغلِيظُ الجَنْبَين؛ عن ثعلب، فأَمَّا قول ابنةِ الخُسِّ

حين شاوَرَ أَبوها أَصحابه في شِراءِ فَحْلٍ‏:‏ اشْتَرِهِ سَلْجَمَ

اللَّحْييَنِ أَسْحَجَ الخَدَّيْن غائرَ العَيْنَين أَرْقَبَ أَحْزَمَ أَعْكَى

أَكْوَمَ، إنْ عُصِيَ غَشَمَ وإن أُطِيعَ اجْرَنْثَمَ؛ فقد يكونُ الغَلِيظَ

العُكْوةِ التي هي أَصلُ الذَّنَبِ، ويكونُ الغَلِيظَ الجَنْبَين

والعَظيمَ الوَسَط، والأَحْزَمُ والأَرْقَبُ والأَكْوَمُ كلٌّ مذكور في موضعه‏.‏

والعَكْوَةُ والعُكْوَةُ جميعاً‏:‏ عَقَبٌ يُشَقُّ ثم يُفتَل فَتْلَين كما يُفْتَلُ المِخراقُ‏.‏

وعَكاهُ عَكْواً‏:‏ شدَّه‏.‏ وعَكَّى على سيفه ورُمحِه‏:‏ شدَّ عليهما

عِلْباءً رَطْباً‏.‏ وعَكا بخُرْئِه إذا خرَج بعضُه وبَقِي بَعضٌ‏.‏ وعَكَّى‏:‏ مات‏.‏

قال الأَزهري‏:‏ يقال للرجل إذا ماتَ عَكَّى وقَرضَ الرِّباطَ‏.‏ والعاكي‏:‏

المَيّت‏.‏ وعكَّى الدخانُ‏:‏ تَصَعَّد في السماءِ؛ عن أبي حنيفة‏.‏ وذكر في ترجمة كعي‏:‏ الأَعْكاءُ العُقَد‏.‏ وعكا بالمكان‏:‏ أَقَامَ‏.‏ وعَكَتِ المرأَة

شَعْرَها إذا لم تُرْسِلْه، وربما قالوا‏:‏ عَكا فلان على قومه أَي عَطَف، مثلُ

قولِهِم عَكَّ على قَوْمِه‏.‏

الفراء‏:‏ العَكيُّ من اللَّبن المَحْضُ‏.‏ والعَكِيُّ من أَلْبَانِ

الضَّأْنِ‏:‏ ما حُلِبَ بعضُه على بعضٍ، وقال شمر‏:‏ العَكِيُّ الخاثِر؛ وأَنشد

للراجز‏:‏

تَعَلَّمَنْ، يا زيدُ يا ابنَ زَيْنِ، لأُكْلَةٌ من أَقِطٍ وسَمْنِ، وشَرْبَتانِ من عَكِيِّ الضأْنِ، أَحْسَنُ مَسّاً في حَوايا البَطْنِ

من يَثْرَبِيَّاتٍ قِذاذٍ خُشْنِ، يَرْمي بها أَرْمى من ابنِ تِقْنِ

قال شمر‏:‏ النِّيُّ من اللَّبَنِ ساعَة يُحْلَب، والعَكِيُّ بعدما يَخْثُر، والعَكيُّ وَطْبُ اللَّبن‏.‏